القرآن بعلم الحلال والحرام لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون العمل مقرونًا بذلك العلم، أو يكون المراد منه مجرد العلم بدون العمل، والثاني منتف بقرينة الخير الكثير، فإن ذلك عبارة عن حفظ النفس عن الآفات في الدنيا، ودفع العقوبات في العقبى، ولن يكون العلم كذلك إلا بالعمل به؛ فلذلك كانت الحكمة متضمنة لهذا العلم مع العمل، فحصل من هذا أن تفسير ابن عباس ﵄ الحكمة بعلم الحلال والحرام، والفقه عبارتان عن معبر واحد؛ فلذلك كان تفسير الحكمة بهذا تفسيرًا للفقه أيضًا.
أو نقول: فيتفسير ابن عباس ﵄ للمحكمة: يُعلَم العلم؛ لأنه فسر الحكمة أولا بعلم الحلال والحرام، وبتفسير أهل اللغة الحكمة: يُعلم العمل، ثم فسر ابن عباس ثانيًا الحكمة بالفقه، فبمجموع هذين التفسيرين يُعلم أن الفقه عبارة عن العلم مع العمل؛ لأن ابن عباس ﵄ جعل الفقه تفسير الحكمة، وهي عبارة عن العلم مع العمل، فكان تفسيره أيضًا كذلك، وغلا لا يكون تفسيرًا له. وكان شيخي ﵀ يقول: الفقه من له رواية، ودراية، وعمل.
1 / 172