وقيل في قوله: (ونورًا مضيًا): صنعة التخيل، كأنه تخيل بهذا قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا﴾ فالسراج: الشمس، وهي ضياء كما في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً﴾، فكأنه جعل الدين شمسًا أي في غاية الظهور والوضوح، وقمرًا أيضًا أي فيه نوع خفاء مع ذلك، فإن الدين في نفسه بين واضح جلي لا يستتر على ذي عينين، وبين خفي مبهم مشكل لا يكاد ينجلي إلا لذي لب متأمل يدرك بتأمله، كالقمر لا يرى فيه شيء إلا بتكلف وتبصر.
ثم انتصاب قوله: (دينًا رضيًا ونورًا مضيًا) على الحال من قوله: (الشرائع) والعامل فيه شارع.
فإن قلت: وشرط الحال أن يكون فيهما معنى الصفة أو تأويل معنى الصفة، وليس هو في قوله: (دينًا) ولا في قوله: (نورًا) فلا يصح انتصابهما على الحال لعدم الشرط.
قلت: فيهما معنى الصفة؛ لوجود معنى الصفة في صفتهما، وهو قوله: (رضيًا، ومضيًا) فكأنه قال: وشرع الشرائع في حال كونها دينًا رضيًا، أي
1 / 147