93

Jurisprudence of Worship According to the Hanbali School

فقه العبادات على المذهب الحنبلي

Noocyada

ما هيتها: -١ً- هي إصابة عين الكعبة لمن هو معين لها أو لمن كان في مكة قريبًا منها وراء حائل، وإن كان أعمى أو غريبًا أجزأه الخبر عن يقين أو مشاهدة أنه مصلّ إلى عين الكعبة. ويصح أن يستقبل هواءها المحاذي لها من أعلاها أو من أسفلها، فإذا كان المكلف بمكة على جبل مرتفع عن الكعبة أو كان في دار عالية البناء ولم يتيسر له استقبال عين الكعبة فإنه يكفي أن يكون مستقبلًا لهوائها المستقبل بها، ومثل ذلك ما إذا كان في منحدر أسف منها فاستقبل هواء الكعبة المتصل بها من أعلى أو من أسفل كاستقبال بنائها. -٢ً- إصابة جهة الكعبة لمن هو بعيد عنها ولا يلزمه إصابة عينها، لحديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) (١) . ولمعرفة جهة الكعبة هناك أربع حالات: آ- التوجه إلى محاريب القربة لمن كان حاضرًا في قرية، فإن رأى محاريب ولم أنها للمسلمين أم لغيرهم لم يلتفت إليها. ب- خير اليقين إذا لم يجد المحاريب ووجد من يخبره عن جهة الكعبة، ففرضه التوجه إلى جهة الإخبار، ولكن لا يقبل خبر الكافر ولا الفاسق ولا الصبي ولا المجنون، ويقبل خبر من سواهم من الرجال والنساء. ⦗١٧٢⦘ جـ- الاجتهاد: إن لم يجد المحارب أو لم يجد من يخبره ففرضه الاجتهاد في القبلة، والمجتهد هو العالم بأدلتها وإن كان عاميًا ومن كان لا يعرف أدلتها فهو مقلد وإن كان فقيهًا، وأوثق أدلتها النجوم لقوله تعالى: (وبالنجم هم يهتدون) (٢)، وآكدها هو القطب وهو نجم خفي وحوله أنجم دائرة، فإذا جعله الإنسان وراء ظهره في الشام كان مستقبلًا الكعبة. ويستدل من الرياح على جهة القبلة أيضًا (فالدبور تهب مما بين المغرب والقبلة، والصبَّا تهب مقابلتها، والجنوب تهب ما بين المشرق والقبلة) . وإن اختلف اجتهاد مجتهدين لم يجز لأحدهما أن يأتي بالآخر لأنه يعتقد خطأه، وإن صليا معًا ثم بان لأحدهما الخطأ استدار ونوى المفارقة، وإن تغير اجتهاده في الصلاة فعلم أن وقوفه خطأ إلا أنه لا يدري إلى أين يتجه فسدت الصلاة، وإن اجتهد وصلى ثم تغير اجتهاده صلى الصلاة المقبلة على الاجتهاد الجديد ولا يعيد الأولى، وإن خفيت الأدلة على المجتهد بسبب الغيم صلى حسب حاله ولا إعادة عليه، عن عامر بن ربيعة عن أبيه ﵁ قال: (كنا مع النبي ﷺ في سفره في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله. فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي ﷺ فنزلت: "فأينما تولوا فثم وجه الله (٣) ") (٤) . ويجوز للأعمى الاستدلال باللمس فإذا لمس المحاريب جاز له استقبالها. د- من عجز عن الاجتهاد لعدم بصر أو بصيرة، أو حُبِس، ففرضه تقليد المجتهد، وإن وجد مجتهدين مختلفين باجتهادهما قلدّ أو ثقهما عنده، وإن لم يجد من يقلده صلى ولا إعادة عليه. ومن صلى بدون أن يتقيد بمحاريب البلد أو بإخبار الثقة أو بدون اجتهاد أو تقليد لم تصح صلاته ولو أصاب القبلة. ومن كان في حضر وبعد أن انتهى من صلاته (بناء على اجتهاد أو تقليد أو خبر) تبين له أنه أخطأ أعاد، فإن كان في سفر لا يعيد. ⦗١٧٣⦘

(١) الترمذي: ج-٢/ كتاب الصلاة باب ٢٥٦/٣٤٢. (٢) النحل: ١٦. (٣) البقرة: ١١٥. (٤) الترمذي: ج-٥/ كتاب تفسير القرآن باب ٣/٢٩٥٧.

1 / 171