206

Jurisprudence of Worship According to the Hanafi School

فقه العبادات على المذهب الحنفي

Noocyada

الهدي: اسم لما يهدى إلى الحرم ويذبح فيه. وهو من الإبل والبقر والغنم. وأدناه شاة، وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة أشخاص، لما روي عن جابر ﵁ قال: (نحرنا مع رسول الله ﷺ عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة) (١) .

(١) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٦٢/٣٥٠.
محله: الحرم، فلا يعتبر هديًا إلا إذا ذبح في الحرم، لكن أفضل الأمكنة منى، لما روي عن جابر ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (نحرت ههنا ومنى كلَها منحر فانحروا في رحالكم) (١)، وعنه أيضًا قال: قال رسول الله ﷺ: (كل فجاج مكة طريق ومنحر) (٢) .

(١) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٢٠/١٤٩.
(٢) البيهقي: ج ٥ / ص ١٧٠.
وقته:
أ - هدي التطوع والمتعة والقران: لا يصح إلا أيام النحر الثلاثة ولا يجوز قبلها.
ب - هدي الجنايات والكفارات والإحصار: يصح في أي وقت، والأَولى تعجيله لينجبر النقص من أفعاله.
شروطه:
-١ - يشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية، فلا يجزئ ما دون الثنيِّ إلا الجذع من الضأن ولا يصح بالعوراء ولا العجفاء ولا العمياء ولا مقطوعة الأذن، فعن أبي حصين أن ابن الزبير رأى هديًا له فيها ناقة عوراء فقال: "إن كان أصابها بعدما اشتريتموها فأمضوها وإن كان أصابها قبل أن تشترها فأبدلوها" (١) .
-٢ - أن لا يأكل من هدي الجنايات والكفارات، لما روي عن طاووس وسعيد بن جبير أنهما قالا: "لا يأكل من جزاء الصيد ولا من الفدية" (٢) . ويجوز أن يأكل من هدي التمتع والقران والتطوع، لما روي عن جابر ﵁ قال: (كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث منى، فأرخص لنا رسول الله ﷺ فقال: كلوا وتزودوا فأكلنا وتزودنا) (٣) .
-٣ - أن لا يعطي أجر القصَّاب منه، لما روي عن علي بن أبي طالب ﵁ (أن نبي الله ﷺ أمره أن يقوم على بدنه، وأمره أن يقسم بدنه كلها لحومها وجلودها في المساكين ولا يعطي في جزارتها منها شيء) (٤) .

(١) البيهقي: ج ٥ / ص ٢٤٢.
(٢) البيهقي: ج ٥ / ص ٢٤٢.
(٣) مسلم: ج ٣ / كتاب الأضاحي باب ٥/٣٠.
(٤) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٦١/٣٤٩.
ما يندب في الهدي:
-١ - أن يذبح بنفسه وإلا يوكل غيره ويشهده، لما روي عن جابر بن عبد الله ﵄ في حديثه الطويل: (ثم انصرف - أي النبي ﷺ إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده) (١) .
-٢ - أن يقلد (٢) هدي التطوع (تمتع، قران، نذر) دون غيره لأنه نسك يليق به الإظهار، أما بقية الهدايا فلا يقلدها لأنها جنايات. روت عائشة ﵂ قالت: (ربما فَتَلْتُ القلائد لهدي رسول الله ﷺ. فيقلد هديه ثم يبعث به) (٣) .
وإذا عطب هدي التطوع على الطريق لا يلزمه غيره، ولا يجوز أن يأكل منه بل يطعمه للفقراء، أما إن كان غير ذلك ضمنه، لما روي عن ابن عباس ﵄ أن ذؤيبًا أبا قبيصة حدثه؛ أن رسول الله ﷺ كان يبعث معه بالبدن ثم يقول: (إن عَطِب منها شيء، فخشيت عليه موتًا، فانحرها. ثم اغمس نعلها في دمها. ثم اضرب به صفحتها. ولا تطعهما أنت ولا أحد من أهل رفقتك) (٤) .
-٣ - أن يذبحه بمنى.

(١) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ١٩/١٤٧.
(٢) التقليد: هو جعل قلادة أي حبل من نبات الأرض في عنق الإبل أو البقر للإشارة بأنه هدي.
(٣) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٦٤/٣٦٦.
(٤) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٦٦/٣٧٨.
الأضْحِيَة
تعريفها:
الأضحية لغة: اسم لما يذبح أيام الأضحى.
شرعًا: اسم لما يذبح أو ينحر من النَّعم تقربًا لله تعالى في أيام النحر.
دليلها:
ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع.
من الكتاب: قوله تعالى: ﴿فصلِّ لربك وانحر﴾ (١) .
ومن السنة: حديث أنس ﵁ قال: (ضحى النبي ﷺ بكبشين أملحين (٢) أقرنين (٣)، ذبحهما بيده، وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما) (٤) .
وقد أجمعت الأمة على مشروعيتها.

(١) الكوثر: ٢.
(٢) كبش أَمْلح: هو الذي بياضه غالب لسواده.
(٣) كبش أَقْرن: كبير القرنين.
(٤) مسلم: ج ٣ / كتاب الأضاحي باب ٣/١٧.
حكمها:
هي واجبة على الذكر والأنثى عند الإمام أبي حنيفة، وهو المعتمد، بدليل ما روى أبو هريرة ﵁ قال: قال النبي ﷺ: (من وجد سعة فلم يضحِّ معنا فلا يَقْرَبَن مُصلاّنا) (١) . ففي الحديث وعيد من رسول الله ﷺ ولا يكون الوعيد إلا لترك واجب.
وعن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من كان ذبح قبل الصلاة فْليُعِد) (٢) والأمر للوجوب فلولا أنها واجبة ما وجبت إعادتها.
وهي سنة مؤكدة عند الإمام أبي يوسف، لما روت أم سلمة ﵂ أن النبي ﷺ قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره) (٣)، والتعليق بالإرادة ينافي الوجوب لذا فهي سنة مؤكدة. وعلى القولين لا يكفر جاحدها.

(١) المستدرك: ج ٤ / ص ٢٣٢.
(٢) مسلم: ج ٣ / كتاب الأضاحي باب ١/١٠.
(٣) مسلم: ج ٣ / كتاب الأضاحي باب ٧/٤١.
شروط وجوبها:
-١ - الإسلام، لأنها عبادة.
-٢ - الحرية، لضرورة الملك.
-٣ - اليسار الذي يتعلق به وجوب صدقة الفطر، وهو ملك نصاب ولو غير نام، وأن يكون زائدًا عن حوائجه الأصلية.
-٤ - الإقامة في بلد أو قرية أو بادية، فلا تجب على المسافر، ولا على الحاج إن كان مسافرًا، لقول علي ﵁: "ليس على المسافر جمعة ولا أضحية".
ولا يجب على الوليّ أن يضحي عن ولده الصغير كصدقة الفطر لاختلاف سببهما، كما أنها لا تجب في مال الصبي لأنها قربة ولا يخاطب بها إلا العاقل البالغ. وهذا هو القول المفتى به.
وقال الصاحبان: تجب في مال الصبي فيضحي عنه وليُّه، ومثله المجنون.
شروط صحتها:
-١ - يشترط أن تكون من النعم وهي: الإبل والبقر والغنم بنوعيه المعز والضأن، لقوله تعالى: ﴿ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام﴾ (١) . وأفضلها الغنم. والكبش أفضل من النعجة، والأنثى من المعز أفضل من التَّيْس، والأنثى من الإبل والبقر أفضل من الذكر إذا استويا في اللحم.
ويجوز الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الإبل أو البقر بشرط أن لا يزيد عددهم على السبعة أشخاص، فإذا كانوا أكثر من سبعة فلا يجوز الاشتراك. والأفضل أن يتفقوا قبل الشراء ويقتسموا لحمها بالوزن. ودليل جواز الاشتراك ما روى جابر ﵁ قال: (نحرنا مع رسول الله ﷺ عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة) (٢) . والشاة أفضل من سبع البقرة أو البدنة إذا استويا في اللحم.
-٢ - يشترط الثَّنِيُّ في الجميع، إلا الضأن فقد ورد فيها جواز الجَذَع، فعن أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله ﷺ قال: (يجوز الجذع من الضأن أضحية) (٣) . والجذع ما كان فوق ستة أشهر على أن يكون كثير اللحم بحيث لو وضع مع الثنايا لا يفرق عنها. والثَّنِيّ: ما كان فوق السنة من الغنم، وفوق السنتين من البقر، وفوق الخمس سنين من الإبل.
-٣ - يشترط في الأضحية أن تكون سليمة من العيوب والأمراض، فلا تصح بالعمياء، ولا بالعوراء، ولا بالعجفاء وهي المهزولة التي لا مخ في عظامها، ولا بالعرجاء البيّن عَرَجها، لما روى البراء ﵁ قال: قام فينا رسول الله ﷺ فقال: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بَيِّن عورها، والمريضة بيّن مرضها، والعرجاء بيّن ظلعها، والكسير التي لا تُنقى) (٤) . ولا تصح بمقطوعة الأذن أو الذَّنب أو الإلية إذا كان المقطوع أكثر من الثلث، لما روي عن علي ﵁ (أن النبي ﷺ نهى أن يُضَحَّى بعضْباء الأذن والقرن) (٥) . ولا تصح بالهَتْماء التي ليس لها أسنان ولا بالجلاّلة التي ترعى العَذِرة (٦) .
وتصح بالجمّاء التي لا قرون لها خِلقَة، والعَظْماء وهي التي ذهب بعض قرنها، والتَّولاء وهي المجنونة إذا لم يمنعها الجنون من الرعي. وتصح بالجَرباء إذا كانت سمينة، فإذا هزلت بالجَرب فلا يجوز.

(١) الحج: ٣٤.
(٢) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٦٢/٣٥٠.
(٣) ابن ماجة: ج ٢ / كتاب الأضاحي باب ٧/٣١٣٩.
(٤) أبو داود: ج ٣ / كتاب الضحايا باب ٦/٢٨٠٢، ولا تنقى: أي لا نقي لها وهو المخ.
(٥) أبو داود: ج ٣ / كتاب الضحايا باب ٦/٢٨٠٥.
(٦) العَذِرة: أماكن النّجاسات.
وقتها:
يبدأ وقتها بعد طلوع فجر يوم النحر، ويشترط في المِصْر أن يضحي بعد أداء صلاة العيد، لما روى البراء ﵁ قال: خطبنا النبي ﷺ يوم النحر قال: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر) (١) . وينتهي وقتها قبل غروب شمس ثالث أيام النحر. والأفضل أن يضحي أول يوم، ويكره تنزيهًا أن يضحي في الليل.
ولو فات الوقت وكان المكلف ممن تتوفر فيهم شروط وجوبها، وجب عليه التصدق بمقدار ثمن شاة، ولو مات أيام النحر سقطت عنه، أما لو مات بعدها ولم يضحِ فعليه أن يوصي بالتصدق بثمنها.

(١) البخاري: ج ١ / كتاب العيدين باب ١٠/٩٢٥.
ما يندب في الأضحية:
-١ - أن يأكل منها ويتصدق ويدَّخر، لقوله تعالى: ﴿فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير﴾ (١)، ولما روى عبد الله بن بريدة عن أبيه ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم) (٢)، ويجوز أن يطعم الأغنياء منها، لأنه كما جاز له الأكل وهو غني جاز لغيره.
-٢ - يستحب أن لا تنقص الصدقة منها عن الثلث، لأن المنصوص قسمتها بين الأكل والتصدق والادخار فيكون لكل قسم الثلث، ولو أخذ الكل لنفسه جاز لأن القربة تحصل بإراقة الدم. أما إن كانت الأضحية منذورة فلا يحل الأكل منها مطلقًا.
-٣ - يندب أن لا يتصدق منها بشيء إذا كان ذا عيال حتى يوسع عليهم.
-٤ - يندب أن يذبحها بنفسه، إن كان يحسن الذبح لأنها عبادة، فإذا فعلها بنفسه كان أفضل كسائر العبادات اقتداءً بفعله ﷺ، فعن أنس ﵁ (أن النبي ﷺ نحر سبع بدناتٍ بيده قيامًا) (٣) . ويندب أن يقول عند الذبح: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا، اللهم منك ولك، بسم الله، الله أكبر". وإن كان لا يحسن الذبح فالأوْلى أن يولّيها غيره.
-٥ - أن يحضر الأضحية ويشهدها إن لم يذبح، لما روي عن عمران بن حصين ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين. قال عمران قلت: يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة فأهل ذاك أنتم أم المسلمين عامة؟ قال: لا بل للمسلمين عامة) (٤) .

(١) الحج: ٢٨.
(٢) مسلم: ج ٣ / كتاب الأضاحي باب ٥/٣٧.
(٣) أبو داود: ج ٣ / كتاب الضحايا باب ٤/٢٧٩٣.
(٤) المستدرك: ج ٤ / ص ٢٢٢.
ما يكره في الأضحية:
-١ - يكره ذبح الكتابي، أما المشرك والمجوسي والوثني فلا يجوز ذبحه أصلًا.
-٢ - يكره بيع جلدها أو استبداله بما هو مستهلك، فإن فعل وجب التصدق بالثمن أو بالبدل، لقوله ﷺ فيما رواه عن معقل بن يسار: (من باع جلد أضحيته فلا أضحية له) (١)، لذا يجب أن يتصدق بالجلد أو يستعمله.
-٣ - يكره أن يعطي الجزار منها شيئًا على سبيل الأجرة، لكن يجوز أن يتصدق عليه منها زيادة على الأجرة. لما روي عن علي ﵁ قال: (أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بُدْنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلَّتها، وأن لا أعطي الجزار منها. قال: نحن نعطيه من عندنا) (٢) .
-٤ - يكره جزُّ صوفها قبل الذبح، وإن فعل تصدق به.
-٥ - يكره ركوبها وتأجيرها والانتفاع بلبنها قبل ذبحها، بل يتصدق بكل ما يأخذه منها، لأنه اشتراها قربة لله تعالى، فلا ينتفع بشيء منها حتى يذبحها.

(١) الجامع الصغير: ﷺ ١٦٧.
(٢) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٦١/٣٤٨.

1 / 206