113

Jurisprudence of Worship According to the Hanafi School

فقه العبادات على المذهب الحنفي

Noocyada

حكمها: فرض عين، وثبتت فرضيتها بالكتاب والسنّة والإجماع. ويكفر جاحدها. فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع﴾ (١) .
ومن السنة: ما روي عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: خطبنا رسول الله ﷺ قال: (واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا، من عامي هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافًا بها أو جحودًا لها فلا جمع الله له شمله ولا بارك له في أمره، وألا ولا صلاة له، ولا زكاة له، ولا حج له، ولا صوم له، ولا بِرّ له حتى يتوب، فمن تاب تاب الله عليه) (٢) .
وعن أبي الجعد الضَّمري، وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله ﷺ: (من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونًا بها طَبع الله على قلبه) (٣) .

(١) الجمعة: ٩.
(٢) ابن ماجة: ج ١ / كتاب إقامة الصلاة باب ٧٨/١٠٨١.
(٣) الترمذي: ج ٢ / كتاب الصلاة باب ٣٥٩/٥٠٠.
شروط فرضيتها:
-١ - الذكورة: فلا تجب في حق النساء.
-٢ - الحرية: لما روي عن طارق بن شهاب ﵁ أن النبي ﷺ قال: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض) (١) .
-٣ - الإقامة، لما روي عن ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال: (ليس على المسافر جمعة) (٢) .
-٤ - الصحة، فلا تجب على المريض. ويلحق بالمريض الشيخ الكبير.
-٥ - الأمن من ظالم.
-٦ - سلامة النظر، فلا تجب على الأعمى ولو وجد من يوصله، خلافًا للصاحبين.
-٧ - القدرة على المشي، فلا تجب على المقعد.

(١) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٢١٥/١٠٦٧.
(٢) الدارقطني: ج ١ / ص ٤.
شروط صحة صلاة الجمعة:
-١ - أن تقام في المِصْر، كل موضع له مُفْتٍ وأمير وقاض وبلغت أبنيته أبنية منى، وتجوز في فناء المصر سواءً مصلّى العيد أو غيره.
الأصل أن تقام جمعة واحدة في المِصر، ويجوز التعدد على قول الإمام أبي حنيفة ومحمد على الأصح، إن كان أكبر مساجد البلد لا يتسع لأهلها والحرج مدفوع بالنص.
وإذا جاز التعدد سقط اعتبار السَّبْق. أما على القول الضعيف المانع من جواز التعدد قيل: يصلي أربعًا بعدها بنية آخر ظهر عليه، فإن قبلت الجمعة وإلا فإنه أدى الظهر.
-٢ - أن يكون إمام الجمعة السلطان أو نائبه.
-٣ - أن تقع في وقت الظهر، فلا تصح قبل الزوال لما روي عن أنس بن مالك ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) (١) . وتبطل الجمعة بخروج وقت الظهر.
-٤ - أن تكون عامة لجميع الناس، فلا يمنع من الدخول إليها أحد، لأنها من شعائر الإسلام.
-٥ - الجماعة: فلا تصح من المنفرد. وأقل الجماعة ثلاث وإن لم يحضروا الخطبة. وقيل: تصح الجمعة باثنين مع الإمام. ويشترط عند الإمام أبي حنيفة بقاؤهم أي المقتدين مُحْرِمين مع الإمام حتى يسجد السجدة الأولى، فإن أفسدوا صلاتهم بعد سجوده أتمها وحده جمعة باتفاق أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقال زُفَر يشترط دوامهم كالوقت إلى تمام الصلاة. وإن نفروا قبل سجوده بطلت عند الإمام أبي حنيفة لأنه يقول الجماعة شرط انعقاد الأداء وعند الصاحبين يتمها وحده لأن الجماعة شرط انعقاد التحريمة.
-٦ - الخطبة: وتصح بغير العربية، وتكون قبل الصلاة، وتنعقد الجمعة لو حضر الخطبة عاقل بالغ واحد.

(١) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٢٢٤/١٠٨٤.
أركان الخطبة:
للخطبة ركن واحد: وهو مطلق الذكر فيصح الاقتصار على تحميدة أو تسبيح، أو تهليلة عند الإمام مع الكراهة التنزيهية. والدليل على صحة الاقتصار على الذكر رغم الكراهة خطبة عثمان ﵁ لما قال: الحمد لله، فأُرْتِجَ (١) عليه، ثم نزل وصلى بهم ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعًا منهم. أما عند الصاحبين فيشترط ذكر طويل أقله قدر التشهد (حمدٌ لله، وصلاة على النبي ﷺ، ودعاء للمسلمين) . قال تعالى: ﴿فاسْعَوا إلى ذكر الله﴾ (٢) وذكر الله المقصود في الآية هو الخطبة.

(١) أُرتج عليه: استُغلِق عليه الكلام.
(٢) الجمعة: ٩.
سنن الخطبة:
-١ - أن يجلس الخطيب قبل الشروع، ثم يؤذن المؤذن فيقوم الخطيب للخطبة. لا روي عن ابن عمر ﵄ قال: (كان النبي ﷺ يخطب خطبتين. كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ؟؟؟ المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب) (١) .
-٢ - أن يخطب واقفًا للحديث المتقدم ولحديث جابر بن سمرة ﵁ أن رسول الله ﷺ (كان يخطب قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائمًا) (٢) .
-٣ - الطهارة، وهي سنة لأن الخطبة ليست صلاة ولا شطرها (لكنها في الثواب كشطر الصلاة) .
-٤ - ستر العورة للتوارث.
-٥ - أن يستقبل القوم بوجهه، لما روي عن عبد بن مسعود ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا) (٣) .
-٦ - أن يبدأ بحمد الله بعد التعوذ سرًا، ثم الثناء على الله تعالى، والشهادتين، والصلاة على النبي ﷺ. ثم العظة والتحذير والتذكير، وقراءة ولو آية من القرآن. وذلك لما روي عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: (كانت خطبة النبي ﷺ يوم الجمعة، يحمد الله ويثني عليه. ثم يقول على إثر ذلك، وقد علا صوته واشتد غضبه. حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم. ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى. ويقول: أما بعد. فإن خير الحديث كتاب الله. وخير الهُدى هُدى محمد. وشر الأمور مُحدثَاتها. وكل بدعة ضلالة، ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه. من ترك مالًا فلأهله. ومن ترك دَيْنًا أو ضَياعًا فإليّ وعليّ) (٤) .
وعن ابن عباس ﵄ في حديث قدوم ضماد وإسلامه قال رسول الله ﷺ: (إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد) (٥) .
وعن صفوان ن يَعلى بن أمية عن أبيه قال: (سمعت النبي ﷺ يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك) (٦) . ويستحب أن يقرأ قوله تعالى: ﴿واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله﴾ (٧) .
-٧ - تسن خطبتان للتوارث.
-٨ - الجلوس بين الخطبتين جلسة خفيفة مقدار ثلاث آيات، لما روي عن جابر بن سمرة ﵁ قال: (كانت للنبي ﷺ خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس) (٨) .
-٩ - أن يَتَّكِئَ على سيف بيسراه في كل بلدة فتحت عنوة (٩)، ويخطب بدونه في كل بلدة فتحت صلحًا.
-١٠ - إعادة الحمد والثناء في ابتداء الخطبة الثانية. ويستحسن ذكر الخلفاء الراشدين والعمَّين حمزة والعباس ﵃.
-١١ - الدعاء في الخطبة الثانية للمؤمنين والمؤمنات، بدلًا من الوعظ، بالمغفرة ودفع النِقّم والنصر على الأعداء والمعافاة من الأمراض.
-١٢ - أن يُسمع القوم الخطبة، ويجهر في الثانية دون الأولى. وإن لم يُسمع أجزأ.
-١٣ - يسن تخفيفهما، لما روي عن عمار ﵁ قال: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مَئِنّةً من فقهه. فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة. وإن من البيان سحرًا) (١٠) .
وتسن الإقامة بعد الخطبة.

(١) البيهقي: ج ٣ / ص ٢٠٥.
(٢) مسلم: ج ٢ / كتاب الجمعة باب ١٠/٣٥.
(٣) الترمذي: ج ٢ / كتاب الصلاة باب ٣٦٦/٥٠٩.
(٤) مسلم: ج ٢ / كتاب الجمعة باب ١٣/٤٥.
(٥) مسلم: ج ٢ / كتاب الجمعة باب ١٣/٤٦.
(٦) الترمذي: ج ٢ / كتاب الصلاة باب ٣٦٥/٥٠٨.
(٧) البقرة: ٢٨١.
(٨) مسلم: ج ٢ / كتاب الجمعة باب ١٠/٣٤.
(٩) ليريهم أنها فتحت بالسيف فإذا رجعوا عن الإسلام فذاك باق بأيدي المسلمين.
(١٠) مسلم: ج ٢ / كتاب الجمعة باب ١٣/٤.
مكروهات الخطبة:
-١ - التطويل، لما روي عن جابر بن سمرة السُّوائي ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هنّ كلمات يسيرات) (١) .
-٢ - ترك شيء من السنن المذكورة.
-٣ - يكره للخطيب التفاته يمينًا ويسارًا حال الخطبة. كما تكره صلاته في المحراب قبل الخطبة.

(١) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٢٣١/١١٠٧.
ما يكره لسامع الخطبة:
-١ - الأكل والشرب. وقيل: يحرم.
-٢ - يكره لمستمع الخطبة ما يكره للصلاة من عبث وكلام، ولو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، فعن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (من قال يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغى) (١) . كما يكره التسبيح وقراءة القرآن والصلاة على النبي ﷺ.
-٣ - ويكره لمن تجب عليه الجمعة أن يسافر يوم الجمعة بعد النداء أي الأذان الأول حتى تنتهي الصلاة.

(١) الترمذي: ج ٢ / كتاب الصلاة باب ٣٦٨/٥١٢.
إدراك صلاة الجمعة:
أ - عند الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف: إذا أدرك الإمام بالتشهد أو بسجود السهو أو تشهده أتم جمعة. فعن أبي هريرة ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) (١) أي اقضوا ما فاتكم من صلاة الإمام في الجمعة. وهو القول المرجح.
ب - قول الإمام محمد: إذا أدرك الإمام قبل رفع رأسه من ركوع الثانية أتم جمعة، وإلا أتمها ظهرًا لأنه أدرك أقل من ركعة. لما روي عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوا شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة) (٢) .

(١) البخاري: ج ١ / كتاب الجمعة باب ١٧/٨٦٦.
(٢) البيهقي: ج ٢ / ص ٨٩.
ما يجب يوم الجمعة:
-١ - السعي لحضورها، لقوله تعالى: ﴿إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع﴾ (١) . ويسن السعي إليها ماشيًا بسكينة ذهابًا وإيابًا، لما روي عن أوس بن أوس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من اغتسل يوم الجمعة وغسّل، وبكّر وابتكر، ودنا واستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها) (٢) .
-٢ - يجب ترك البيع بالأذان الأول، وكذا ترك كل شيء يؤدي إلى الاشتغال عن السعي إلى الجمعة أو يخل به.
-٣ - يجب الاستماع وترك الصلاة إذا خرج الإمام من غرفته إلى المنبر. وإذا أمر الإمام بالصلاة على النبي ﷺ يصلي سرًا، ويحمد في نفسه إذا عطس، ولا يردّ سلامًا ولا يُشمِّت عاطسًا لاشتغاله بسماع واجب. لما روي عنه ﷺ أنه قال: (خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام) (٣) .

(١) الجمعة: ٩.
(٢) الترمذي: ج ٢ / كتاب الصلاة باب ٣٥٦/٤٩٦.
(٣) البيهقي: ج ١ / ص ١٩٣.
فضل يوم الجمعة وما يسن فيه:
ورد أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، فعن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم، وفيه أُدْخِل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة) (١) .
ويسن يوم الجمعة الغسل والتطيب، لما روي عن سمرة بن جندب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل) (٢) .
وعن سلمان الفارسي ﵁ قال: قال النبي ﷺ: (لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طُهرٍ، ويِدَّهن من دُهْنه أو يمسّ من طِيب بيته، ثم يخرج فلا يفرّق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) (٣) .

(١) الترمذي: ج ٢ / كتاب الصلاة باب ٣٥٣/٤٨٨.
(٢) الترمذي: ج ٢ / كتاب الصلاة باب ٣٥٧/٤٩٧.
(٣) البخاري: ج ١ / كتاب الجمعة باب ٥/٨٤٣.
ما يستحب يوم الجمعة:
-١ - الإكثار من الصدقة والصلاة على النبي ﷺ، لما روي عن أوس بن أوس ﵁ أن النبي ﷺ قال: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم ﵇، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فإن صلاتكم معروضة عليّ، قالوا يا رسول الله: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت أي يقولون قد بليت. قال: إن الله ﷿ قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ﵈ (١) .
-٢ - الإكثار من الدعاء، لما روي عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ ذكر يوم الجمعة فقال: (فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه) (٢) . وأشار بيده يقللها.
-٣ - قراءة سورة الكهف، لحديث أبي سعيد الخدري ﵁ أن النبي ﷺ قال: (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين) (٣) .
-٤ - تقيم الأظافر، وقد قيل أن من طول أظافره ضاق رزقه. ويكره قصُّها للجنب حتى يغتسل، وكذا قصُّ الشعر.
-٥ - نتف الإبط.

(١) النسائي: ج ٣ / ص ٩١.
(٢) البخاري: ج ١ / كتاب الجمعة باب ٣٥/٨٩٣.
(٣) البيهقي: ج ٣ / ص ٢٤٩.

1 / 113