النَّفْل لغة: الزيادة.
وشرعًا: فِعْل ما ليس بفرض ولا واجب. وكلّ سنةٍ نافلة لأنها زائدة على الفرض وليس كل نفل سنة.
والسنّة لغة: مطلق الطريقة مُرْضِية أو غير مُرْضِية.
شرعًا: الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراضٍ ولا وجوب.
حكمة تشريع النوافل:
-١ - لجبر نقصان الفرائض، لما روي عن أبي هريرة ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته. فإن صَلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسَدت فقد خاب وخَسِر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الربّ ﷿: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيُكَمِّل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك) (١) .
-٢ - لقطع طمع الشيطان، إذ يقول قاضي خان: إن السنة قبل الفريضة شُرعت لقطع طمع الشيطان، حيث يقول: "من لم يُطِعني في ترك ما لم يُكتب عليه فكيف يطيعني في ترك ما كتب عليه".
-٣ - للتقربّ من الله، لما روي عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًا فقد آذَنْته بالحرب، وما تقرَّب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه، وما تردَّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مَسَاءته) (٢) .
والنوافل التابعة للصلوات المكتوبة قسمان: سنن مؤكدة وسنن غير مؤكدة (مندوبة) .
أولًا: السنن المؤكدة:
-١ - ركعتان قبل صلاة الفجر: وهي أقوى السنن لكثرة ما ورد فيها من مُرَغِبّات، فعن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) (١) . وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل) (٢) . وقال بعض الفقهاء بوجوبها.
ويندب أن يقرأ يفها بـ ﴿قل يا أيها الكافرون﴾ و﴿قل هو الله أحد﴾، فعن أبي هريرة ﵁ (أن رسول الله ﷺ قرأ في ركعتي الفجر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد) (٣) .
ويندب بصورة عامة أن تكونا خفيفتين، لما روت عائشة ﵂ أن النبي ﷺ (كان يخفِّف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب) (٤) .
ويُفضل في سنة الفجر أداؤها في أول الوقت وفي البيت، وقيل يفضل الإسفار فيها. وهي لا تصح من قعود كغيرها من النوافل، وقيل تصح. وتقضى مع الفرض إن فاتت معه إلى ما قبل الزوال. أما بعد الزوال فيقضى الفجر دون سنته.
ويكره الكلام حين انشقاق الفجر حتى يصلي الفجر، لأنه وقت تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار. فعن أبي عبيدة قال: كان عبد الله يقول: "تتدراك الحرسان من ملائكة الله ﷿ حارس الليل وحارس النهار عند طلوع الفجر واقرؤوا إن شئتم: وقرآن الفجر، إن قرآن الفجر كان مشهودًا" (٥) .
-٢ - أربع ركعات قبل الظهر: لما روي عن عائشة ﵂ (أن النبي ﷺ كان لا يدع أربعًا قبل الظهر) (٦) . وعن أم حبيبة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ (من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر) (٧) .
-٣ - ركعتان بعد الظهر، للحديث المتقدم عن أم حبيبة ﵂. ويندب أن يضيف إليهما ركعتين فتصيران أربعًا، لما روت أم حبيبة زوج النبي ﷺ قالت: قال رسول الله ﷺ: (من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حُرِم على النار) (٨) .
-٤ - أربع ركعات قبل صلاة الجمعة، لما روي عن ابن عباس ﵄ قال: (كن النبي ﷺ يركع قبل الجمعة أربعًا لا يفصل في شيء منهن) (٩) .
-٥ - أربع ركعات بعد صلاة الجمعة، لما روي عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعًا فإن عجَّل بك شيء فصلِّ ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت) (١٠) .
-٦ - ركعتان بعد المغرب: وتأتيان بالفضل بعد سنة الفجر، لأنه ﷺ لم يَدَعْهما سفرًا ولا حضرًا. ويستحب تطويلهما لما روي عن ابن عباس ﵄ قال: (كان رسول الله ﷺ يطيل القراءة في الركعتين بعد المغرب حتى يتفرق أهل المسجد) (١١) . وورد أيضًا عن ابن مسعود ﵁ أن النبي ﷺ (كان يقرأ في الركعتين بعد صلاة المغرب ﴿قل يا أيها الكافرون﴾ و﴿قل هو الله أحد﴾) (١٢) .
-٧ - ركعتان بعد صلاة العشاء.
ثانيًا: السنن غير المؤكدة (المندوبة):
-١ - أربع ركعات قبل العصر: لما روي عن ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال: (رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعًا) (١) .
-٢ - أربع ركعات قبل العشاء: لعموم قوله ﷺ فيما رواه عنه عبد الله بن مغفل المزني ﵁: (بين كل أذانين صلاة. قالها ثلاثًا. قال في الثالثة: لمن شاء) (٢)، وعن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ (كان يصلي قبل العشاء أربعًا ثم يصلي بعدها أربعًا ثم يضطجع) (٣) .
-٣ - ركعتان بعد العشاء زيادة على المؤكد: لحديث البراء بن عازب ﵁ أن النبي ﷺ قال: (من صلى قبل الظهر أربع ركعات كمن تهجد بهن من ليلته ومن صلاَّهن بعد العشاء كمثلهن من ليلة القدر) (٤) .
-٤ - ست ركعات بعد المغرب: لما روي عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عُدِلْن له بعبادة ثِنْتَيْ عشرة سنة) (٥) . وعن عمار بن ياسر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (من صلى بعد المغرب ست ركعات غُفِرت ذنوبه وإن كانت مثل زَبَد البحر) (٦) . وروي عنه ﷺ قوله: (من صلى بعد المغرب ست ركعات كتب من الأوابين. وتلا قوله تعالى: ﴿فإنه كان للأوابين غفورًا﴾) (٧) .
كيفية صلاة السنة الرباعية المؤكدة:
يقرأ في القعود الأول التشهد فقط، وفي الثاني التشهد والصلوات الإبراهيمية. ولا يقرأ دعاء الاستفتاح في الركعة الثالثة كالفرائض.
كيفية صلاة الرباعية المندوبة:
تصلى اثنتين اثنتين: فيستفتح ويتعوّذ في ابتداء كل شَفْع منها. وإذا صلاها من غير قعود أول صحت ويسجد للسهو في آخر الصلاة لتركه القعود الأول ساهيًا. وتجب عليه العودة إلى القعود إن تذكره بعد القيام ما لم يسجد للركعة الثالثة.
وتكره الزيادة على أربع ركعات في نفل النهار، والزيادة على ثمانٍ ليلًا بتسليمة واحدة. والأفضل عند الإمام أن تُصلى النوافل أربعًا ليلًا أو نهارًا، لما روي عن أبي أيوب ﵁ أن النبي ﷺ (كان يصلي قبل الظهر أربعًا إذا زالت الشمس لا يفصل بينهن بتسليم) (١)، وعن عائشة ﵂ قالت: (ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا) (٢) .
والمُفتى به قول الصاحبين: إن الأفضل في صلاة الليل اثنتين اثنتين، وفي صلاة النهار أربعًا والأفضل في الصلاة طول القيام ليلًا أو نهارًا، وقال الإمام محمد: كثرة الركعات أفضل من طول القيام، لقوله ﷺ فيما رواه عنه ثوبان ﵁: (عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحطّ عنك بها خطيئة) (٣) .