س :
فترى واضحا يا ثراسيماخس أن كل فن (أو حكومة) يسعى (أو تسعى) ليس للمنفعة الذاتية، بل كما قلت آنفا: إنها توجب حصول تلك الفائدة للأدنى أو المحكوم وليس للأقوى؛ ولذا قلت يا عزيزي ثراسيماخس إنه لا أحد يحكم مختارا، أو يتحمل مشقة إصلاح شئون الآخرين المختلة ما لم يتقاض أجرة؛ لأن من رام النجاح في فنه فلا تتناول تلك الممارسة فائدته الشخصية، ولا يروم في حكمه ما هو أفضل له، بل ما هو لخير الآخرين الذين يحكمهم ما دام ضمن حدود فنه؛ ولذلك وجب إغراء رب الفن بالمال أو بالشرف لقبول الوظيفة، أو بالقصاص إذا هو رفضها.
غلوكون :
وكيف ذلك يا سقراط؟ فقد فهمت نوعين من المكافأة، أما أن يكون القصاص مكافأة، وأنك تدرجه في صف المكافآت، فذلك أمر لم أفهمه.
س :
إنك لم تعرف مكافأة أفضل الناس، التي لأجلها يرضى أكثرهم جدارة أن يحكم، ألا تعلم أن الطمع والنهم محسوبان عارا؟ وحقا إنهما عار.
غ :
أعلم ذلك.
س :
فلذلك لا يسعى الأفاضل إلى تبوء المناصب رغبة منهم في حشد المال، ولا طمعا في إحراز الشرف. أما الأول فلأنهم لا يريدون أن يدعوا مأجورين بقبضهم المال علنا، أو لصوصا بقبضه سرا؛ وأما الثاني، أي إنهم لا يرغبون في المنصب لأجل الشرف؛ فلأنهم ليسوا من ذوي الأطماع، فبالضرورة إذا أنهم يتربعون في دست الأحكام مخافة العقوبة إذا هم أبوا، وربما كان هذا السبب في حسبان قبول الإنسان منصب الحكم مختارا، وعدم انتظاره حتى يرغم على قبوله، عارا عليه.
Bog aan la aqoon