Dadaallada Masraxiyadeed ee Qabbani ee Masar
جهود القباني المسرحية في مصر
Noocyada
هذا هو الموضوع الذي عرض على جمهور الإسكندرية الغفير الذي حضر العرض - تأكيدا على اتساع قهوة الدانوب - فأعجب ببلاغة الموضوع كما أوضحت جريدة الأهرام، مما يعني نجاح رسالة القباني؛ وتأكيدا على صدق الجريدة في نقلها مشاعر استحسان الجمهور لموضوع المسرحية، نقول إن القباني كان مؤلفا للمسرحية أكثر منه مقتبسا لقصتها، أو صائغا لحكايتها؛ فالقباني لم يتخل عن تعاليم دينه الإسلامي، ولم ينسل من قيمه الخلقية، ولم يضح بعاداته وتقاليده العربية، كي يفوز برضى جمهوره ويثبت أقدام فرقته في البيئة المصرية، عندما عف يده عما وجده في حكاية الليالي مما يغري الجمهور ويثير شهواته. وهي أمور تخالف مفردات رسالته المسرحية، وتخالف مبدأ حركة الإحياء في وجوب إبراز التراث بوجه مشرق.
فقصة الليالي فيها مشهد تفصيلي جنسي فاضح، تم بين علي نور الدين والجارية أنيس الجليس، فلم يشر إليه القباني ولو بالإيحاء. كما أنه أصر في مسرحيته على زواج الجارية بعلي نور الدين منذ لقاء الحب الأول بينهما، وهذا الأمر لم يتحقق لها في حكاية الليالي إلا بعد حدوث الفاحشة بمدة طويلة، كما أن القباني لم يتطرق في مسرحيته إلى مشاهد شرب الخمر الكثيرة الموجودة في حكاية الليالي. كما نجح في إظهار هارون الرشيد بمظهر يليق بخليفة المؤمنين في عدله وحكمته، خلافا لصورته المشوهة في حكاية الليالي.
وهذه الأمور تبين مدى التزام القباني بمعطيات رسالته، ومدى قدرته على امتلاك أدوات الكتابة المسرحية - الموظفة فنيا لصالح مبدأ حركة الإحياء بوجوب ظهور التراث في صورة مشرقة - مما يدل على اهتمامه بالبناء الفني لمسرحياته تبعا لتقاليد الكتابة المسرحية في هذا الزمن، التي تتصف بالبساطة والمباشرة والوضوح، تبعا للهدف المرجو من رسالته المسرحية.
لم يكتف القباني بذلك - وإن اكتفى فلا غبار عليه، فكفاه القيام بما قام به في زمن كان المسرح العربي فيه يخطو خطواته الأولى - لأنه شحذ ملكته الشعرية فاستعاض بأشعار حكاية الليالي أشعارا من بنات أفكاره - في معظمها الأعم - تثبت بلا جدال بأنه شاعر مفلق كما وصفته جريدة الأهرام، وهذا الأسلوب يعتبر أهم أداة من أدوات تطبيق منهج رسالته المسرحية، وهو الأسلوب الذي سيتبعه - وسيلتزم به - في جميع كتاباته المسرحية فيما بعد، كما سنرى.
وأشعار مسرحية «أنس الجليس» تنقسم إلى نوعين: النوع الأول أشعار كثيرة تعد حكما ومواعظ بليغة من تأليفه، التزاما بمفردات رسالته، أو أشعارا قليلة مقتبسة - أو متضمنة - من نظم المشاهير، جاءت مناسبة في مواقف استخدامها الدرامي متوافقة مع حوار الشخصيات، وكأنها نظمت من أجلها - معضدة معطيات رسالة القباني المسرحية - بما تحمله من حكم ومواعظ وعبر. والنوع الآخر أشعار من تأليفه تمثل ألحانا غنائية، أضفت على العروض جوا غنائيا موسيقيا، فأبدت الجماهير استمتاعها بحسن إلقائها - كما قالت جريدة الأهرام - تأكيدا على تحقيق هدف الرسالة.
ومن أمثلة النوع الأول من نظم القباني قول الوزير الفضل بن خاقان:
31
إذا اعتذر المسيء إليك يوما
من الآثام عذر فتى مقر
فصنه عن عقابك واعف عنه
Bog aan la aqoon