10
لم أكن أتوقع طبعا حين رفعت سماعة التليفون أن أجد هذا الصوت يطالعني بهذا الاسم: أنا عمك نصر. - ماذا؟ - ما دمت لم تسمع، فأنا نصر الملواني رئيس مجلس إدارة الشركة التي تعمل بها.
صمت لحظة وعاد إلي الصوت: ماذا؟ ألم تسمع هذا أيضا؟ - بأي صفة من الصفتين أجيب؟ - اختر الصفة التي تجعلك تجيب وتتكلم. - إذن، فأنا أختار الصفة الثانية، وأنا تحت أمرك. - لماذا لا تأتي إلى الشركة؟ - اعتقدت ... - حمار. - نعم! - هو ما سمعت. - أنا قادم إليك.
يمكن أن يكون رد الفعل ما حدث أي شيء إلا أن يكون مزاحا، لا بد أن الرجل لم يعرف حقيقة ما جرى في غرفة تحية: لماذا لا تأتي للشركة؟ ألست موظفا بها؟ - الظاهر أن حضرتك لم تفهم الوضع تماما. - أي وضع؟ - الذي كان بيني وبين ...
ويقاطعني في سرعة: بينك وبين أحد موظفي الشركة؟ - لا بيني وبين تحية. - هل في هذه الشركة موظفة اسمها تحية؟ - ابنة رئيس مجلس الإدارة. - موظفة هي في الشركة؟ - لا زوجتي. - زوجتك يا شاطر هذه في البيت، نحن هنا في شركة أموال عامة. - يا نصر بك، لا بد من توضيح المسائل. - أية مسائل؟ - الأمور لا تكون بهذه البساطة. - ترجع إلى عملك أولا. - مسألة عملي هذه بسيطة، إنما لا بد أن تعرف ما جرى. ما رأيته بعيني. وصمت قليلا وهممت بالكلام فأشار إلي أن أصمت، وأطرق لحظة.
ثم رفع عينين متكسرتين: إذا شئت أن تتكلم فتكلم، ولكن اسمح لي أن أتكلم أنا أولا. إن ما بينك وبين زوجتك لا يجوز أن يتدخل فيه أحد. - حتى أنت؟ - حتى أنا. - أبوها؟ - لا أبوها ولا أمها ولا أحد. - هذا غير معقول. - سيأتي يوم تعرف أن هذا هو المعقول، هل قلت شيئا لوالدك أو والدتك.
الرجل لا شك يعرف كل شيء، أطرقت خجلا من أجله: لا، لم أقل شيئا، من أجل شهاب وهديل لم أقل شيئا.
وأشرقت ابتسامة على وجه نصر: عاقل. - ولكن لا بد أن أقول لك. - لا أريد أن أسمع شيئا. وربما جاء يوم تشكرني فيه لأنني لم أسمع.
صمت. إنه قواد راسخ القدم، يعرف كيف يستر الأمور حتى على نفسه: تعود إلى عملك بالشركة.
ولم لا؟ لقد كنت أدفع له نصيبه، فهو منتفع بوجودي بالشركة مثل انتفاعي أنا بهذا الوجود. وقد كنت أدفع شبابي في مقابل هذه الوظيفة. فما البأس اليوم أن أدفع صمتي؟ وقد كنت سأصمت على أية حال من أجل ابني وابنتي. أي بأس إذن أن أعود؟! نعم أعود.
Bog aan la aqoon