Jinusayid: Dhulka, Jinsiyadda iyo Taariikhda

Fahmi Sacid Shaykhu d. 1450 AH
93

Jinusayid: Dhulka, Jinsiyadda iyo Taariikhda

جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ

Noocyada

التفت العم أرتين إلى الطبيب وسأله: هل يمكنني السفر بهذا الحال؟ - سفر بعيد أم إلى أطراف القدس؟ - بعيد إلى قرية قرب جنين، هناك الجو معتدل والهواء نقي وأجواء القرية الهادئة تعيد لي بعضا من نشاطي. - ومن يعتني بك هناك إن ساءت حالتك، أو يجلب لك طبيبا من المدينة أو يأخذك إليه؟ إن كنت عازما على السفر فخذ حسن معك.

صدم حسن عندما سمع اسمه، انتابه شعور بالفرح وتذكر وصف أنوشكا لذلك المكان يوم التقيا للمرة الأولى، تحمس للسفر معهم، لكن كيف له أن يقنع والده بذلك؟ التفت الاثنان إلى حسن ثم تكلم الطبيب: ما رأيك يا حسن؟ - أتمنى، لكن ... - لكن ماذا؟ - «لا تضغط عليه.» قال العم أرتين للطبيب. - كيف أقنع أبي بالموافقة؟ - لا عليك، أنا أقنعه، لقد كبرت وتستطيع السفر وحدك وليس مع عائلة لطيفة مثل هؤلاء، ستقضي أياما لا تنساها هناك في أجواء القرية الخلابة. - بيتي في أجمل مكان هناك في القرية.

وضع الطبيب أدوات الفحص في حقيبته ثم ربت على كتف حسن: هيا بنا إلى مقهى الحي علنا نجد أباك فيه وأكلمه عن سفرك.

في الطريق قص الطبيب لحسن مغامراته عندما كان شابا بمثل عمره، وذكر قصة طريفة حصلت له في القطار المتوجه إلى يافا، يقول: صادفت في تلك الرحلة عائلة من الغجر، أما مع ابنتيها وهن على الزي الغجري المعروف، فساتين طويلة ومزركشة بالتطريز الغجري الخاص ذي الألوان المتعددة، والحلقات المتدلية من الشال الملفوف على الرأس التي تصدر صوتا بأدنى حركة منهن وتجلب الانتباه إليهن، رمقنني بنظرات غريبة وأنا أحضن حقيبتي وأحاول صرف النظر عنهن نحو نافذة القطار، اقتربت البنت الكبيرة مني وقالت دعني أقرأ لك الطالع، قلت لها لا أريد، شكرا لم ترد على رفضي ففرشت منديلها الأسود المزخرف بألوان وخطوط ومربعات متداخلة ورمت أحجارا صغيرة فوقها أخرجت صوت دهشة جلبت انتباهي لها ثم قالت: أخبرني عن اسم أمك.

شدني الأمر فأخبرتها، وبدأت تسرد عني معلومات عامة بعبارات غامضة، وقالت ستتعرض لمشكلة أو مخاطر في يافا، فيجب أن تكون حذرا جدا ثم انسحبت إلى مقعدها ولم تطلب مقابلا على غير عادة الغجريات. بعد وصولنا للمحطة في يافا نزلت من القطار وضعت يدي في جيبي ولم أجد الجنيهات، فتشت جيوبي كلها والحقيبة فلم أجد شيئا، اكتشفت حينها أني تعرضت للسرقة، الأخت الكبيرة ألهتني بالطالع والصغيرة سرقتني، لا يوجد أي احتمال آخر، بحثت في كل زوايا المحطة عنهن ولم أجد لهن أثرا، عندها أدركت أنها كانت صادقة فيما أخبرتني به «ستواجه مشكلة في يافا». أخرج الطبيب قهقهة وقال: الحمد لله أنني صادفت في المحطة صديقا لي من يافا أخبرته بالذي جرى معي واستدنت منه بعض الجنيهات، أجرة الفندق وتذكرة العودة إلى القدس في اليوم التالي. لذلك يا حسن، في السفر احذر لطف الغرباء. •••

على متن سيارة الكاديلاك كان العم أرتين جالسا على المقعد الأمامي والست مريم تتوسط أنوشكا وحسن على المقعد الخلفي متوجهين إلى جنين، كان السائق صديق العم أرتين كثير التفاخر بسيارته التي اشتراها من ضابط بريطاني باعها له قبل أن تنتهي خدمته العسكرية في القدس ويعود إلى لندن.

إنها مريحة وسريعة وأنيقة، لقد صممت للملوك والوزراء والرؤساء، سيارة لا مثيل لها في القدس كلها.

قاطعه العم أرتين: وها أنت تملكها، ولست بملك ولا وزير! - لست أقل منهم. - هون على نفسك يا أبا يوسف، المال الكثير دون سلطة لا يجلب لك صفة الملوك ولا الوزراء. - لو أردت ذلك لنلته. - ربما.

ساد صمت بينهما، وحسن يتأمل الطريق، وهو في قمة السعادة التفت نحو أنوشكا فرأى خصلات شعرها الحريري المتموج تلمع وكأنها خيوط ذهبية تحت أشعة الشمس فتتطاير خارج نافذة السيارة وتضرب وجهها وهي تزيحه بلطف عن عينيها.

مروا بمدن وقرى كثيرة حتى وصلوا جنين ومنها إلى القرية، كان بيت العم أرتين يقع خارج القرية على سفح جبل مطل على سهل مرج ابن عامر، إطلالة ساحرة وهواء بارد رغم فصل الصيف، وقف حسن على شرفة المنزل يتأمل المنظر يستنشق الهواء ويشعر أنه يتسلل إلى أطراف أصابعه، لم يكن يحمل في ذهنه صورة مقاربة لما يرى إلا غابة «قازنجي أوغلو» ذات الأشجار والأزهار المتنوعة التي تحيط قصر يلدز يوم وصفها له الحاج صالح.

Bog aan la aqoon