Jewels of the Pearls in the Versification of Ibn Badis' Fundamental Principles
جواهر الدرر في نظم مبادئ أصول ابن باديس الأبر
Daabacaha
دار ابن حزم
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م
Noocyada
جَوَاهِرُ الدُّرَرِ فِي نُظْمِ مَبَادِئِ
أَصُول اِبْن بَادِيسْ الأبَر
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
للشيخ العلامة
محمد بن محفوظ بن المختار فال الشنقيطي.
حفظه الله تعالى
أعده للطباعة والنشر
تلميذه المخلص
المختار بن العربي مومن
دار ابن حزم
1 / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
أما بعد: فهذا نظم شيخنا المبارك محمد بن محفوظ ابن المختار فال الشنقيطي المعروف عند الطلبة بشيخ السوق لشهرته بالتدريس في ذلك الرباط العظيم، حيث نظم فيه الشيح حفظه الله تعالى كتاب مبادئ الأصول لشيح الإسلام في زمانه، ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين خدمة منه للعلم وأهله وتيسيرا لحفظه والاهتمام به والشيخ حفظه الله
1 / 5
تعالى أهل لذلك فلا يزال منقطعا للتدريس والإفادة، والاجتهاد في الطاعة والعبادة فنسأل الله أن يجزل له المثوبة في الدارين وأن يجعل ما كتب ونظم وأفاد به الطلاب ذخرًا له يلقاه يوم الدين آمين.
1 / 6
ترجمة الشيخ
عبد الحميد ابن باديس
تعريف مختصر بالشيخ عبد الحميد ابن باديس رحمه الله تعالى في مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، ومن أسرة عريقة في المجد والثراء والعلم وُلد الشيخ عبد الحميد بن باديس عام ١٣٠٨هـ /١٨٨٩م، فهو ينتسب إلى الأسرة الباديسية المشهورة في التاريخ. فالمعز بن باديس (٤٠٦ - ٤٥٣) هو الذي أبعد النفوذ العُبيدي (الفاطمي) عن المغرب، وعمل على تنظيم انفصال المغرب الإسلامي سياسيًا ومذهبيًا
1 / 7
عن الحكم العبيدي، وحارب الشيعة الرافضة في إفريقية، وحمل الناس على اعتناق المذهب السني، وكان الشيخ عبد الحميد يفتخر بأعمال هذا الجد، أما والده محمد المصطفى فهو من كبار الموظفين والوجهاء في قسنطينة، وعضو المجلس الجزائري الأعلى، وقد عرف دائمًا بدفاعه عن مطالب السكان المسلمين في قسنطينة، يقول عنه ابنه:
(إن الفضل يرجع أولًا إلى والدي الذي رباني تربية صالحة ووجهني وجهة صالحة، ورضي لي العلم طريقة أتبعها، ومشربًا أرده، وقاتني وأعاشني وبراني كالسهم وراشني وحماني من المكاره صعيرًا وكبيرًا ..).
فهذا الوالد لم يحاول تني الشيخ عن أي عمل يقوم به في الدعوة كعادة الآباء الذين في
1 / 8
مثل وظيفته ووجاهته، كما أنه لم يُلحِقه بالمدارس الفرنسية كغيره من أبناء العائلات الكبيرة.
نشأ ابن باديس في بيئة علمية، فقدحفظ القرآن وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ثم تتلمذ على الشيخ (أحمد أبو حمدان الونسي)، فكان من أوائل الشيوخ الذين لهم أثر طيب في اتجاهه الديني، ولا ينسى ابن باديس أبدًا وصية هذا الشيخ له:
(اقرأ العلم للعلم لا للوظيفة)، بل أخذ عليه عهدًا ألا يقرب الوظائف الحكومية عند فرنسا.
في جامع الزيتونة:
في عام ١٩٠٨ قرر ابن باديس- وهو الشاب المتعطش للعلم- أن يبدأ رحلته العلمية
1 / 9
الأولى إلى تونس، وفي رحاب جامع الزيتونة الذي كان مقرًا كبيرًا للعلم والعلماء يُشبه في ذلك الأزهر في مصر. وفي الزيتونة تفتحت آفاقه، وعبّ من العلم عبًّا، والتقى بالعلماء الذين كان لهم تأثير كبير في شخصيته وتوجهاته، مثل الشيخ محمد النخلي الذي غرس في عقل ابن باديس غرسة الإصلاح وعدم تقليد الشيوخ، وأبان له عن المنهج الصحيح في فهم القرآن. كما أثار له الشيخ محمد الطاهر بن عاشور حب العربية وتذوّق جمالها، ويرجع الفضل للشيخ البشير صفر في الاهتمام بالتاريخ ومشكلات المسلمين المعاصرة وكيفية التحلص من الاستعمار الغربي وآثاره.
تخرج الشيخ من الزيتونة عام ١٩١٢ وبقي عامًا آخر للتدريس حسب ما تقضيه تقاليد هذه
1 / 10
الجامعة، وعندما رجع إلى الجزائر شرع على الفور بإلقاء دروس في الجامع الكبير في قسنطينة، ولكن خصوم الإصلاح تحركوا لمنعه، فقرر القيام برحلة ثانية لزيارة أقطار المشرق العربي.
في المدينة النبوية:
بعد أداء فريضة الحج مكث الشيخ ابن باديس في المدينة المنورة ثلاثة أشهر، ألقى خلالها دروسًا في المسجد النبوي، والتقى بشيخه السابق (أبو حمدان الونيسي) وتعرف على رفيق دربه ونضاله- فيما بعد- الشيخ البشير الإبراهيمي. وكان هذا التعارت من أنعم اللقاءات وأبركها، فقد تحادثا طوبلًا عن طرق الإصلاح في الجزائر واتفقا على خطة واضحة
1 / 11
في ذلك. وفي المدينة اقترح عليه شيخه (الونيسي) الإقامة والهجرة الدائمة، ولكن الشيخ (حسين أحمد الهندي) المقيم في المدينة أشار عليه بالرجوع للجزائر لحاجتها إليه، فكانت خير نصيحة. زار ابن بادبس بعد مغادرته الحجاز بلاد الشام ومصر واجتمع برجال العلم والأدب وأعلام الدعوة السلفية، وزار الأزهر واتصل بالشيخ بخيت المطيعي حاملًا له رسالة من الشيخ (الونيسي).
العودة إلى الجزائر:
وصل ابن باديس إلى الجزائر عام ١٩١٣ واستقر في مدينة قسنطينة، وشرع في العمل التربوي الذي صمم عليه، وهو إنقاذ أطفال المسلمين وشبانهم من هوة الجهل والتخلف،
1 / 12
فبدأ بدروس للصغار ثم للكبار، والمسجد هو المركز الرئيسي لنشاطه، ثم تبلورت لديه فكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين، ولكن نشاط الشيخ كان متعددًا، واهتماماته كثيرة.
ومما شجع ابن باديس وأمضى عزيمته في تكوين تلك الجمعية وبذل الجهد في الإصلاح المتعدد الجوانب هو وجود تلك العصبة المؤمنة حوله، والذين وصفهم هو بالأسود الكبار- من العلماء والدعاة أمثال الإبراهيمي والتبسي والعقبي والميلي ... وقد عملوا معه في انسجام قلّ أن يوجد مثله في الهيئات الأخرى.
آثار ابن باديس:
شخصية ابن باديس شخصية غنية ثرية ومن الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل
1 / 13
أبعادها وآثارها. فهو مجدد ومصلح يدعو إلى نهضة المسلمين ويعلم كيف تكون النهضة. يقول: «إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوة، وإذا كانت لهم جماعة منظمة تفكر وتدبر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة».
وهو عالم مفسر، فسر القرآن كله خلال خمس وعشرين سنة في دروسه اليومية كما شرح موطأ مالك خلال هذه الفترة، وهو سياسي يكتب في المجلات والجرائد التي أصدرها عن واقع المسلمين وخاصة في الجزائر ويهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية ويشرح أصول السياسة الإسلامية، وقبل كل هذا هو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية الأجيال في المدارس
1 / 14
والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم أعماله، وهو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء، ويسهر على إدارة مجلة الشهاب ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة.
إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف، والأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر، وقليل من المصلحين في العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن باديس؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة، ولكن حلمه لم يتحقق، ونظرية ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد، فإصلاح الفرد هو الأساس.
وطريقته في التربية هي توعية هذا النشء
1 / 15
بالفكرة الصحيحة كما ذكر الإبراهيمى عن اتفاقهما في المدينة (كانت الطريقة التي اتفقنا عليها سنة ١٩١٣ في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم وإنما نربيه على فكرة صحيحة).
وينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه العلم والتي كانت تهتم بالفروع والألفاظ- فيقول: (واقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة، تفني الأعمار قبل الوصول إليها).
أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته في (الشهاب) وغيرها ومن دروسه في التفسير والحديث.
وقد ضاع منها الكثير ومما بقي بين أيدينا
1 / 16
كتابه مبادئ في علم أصول الفقه وهو من بين إملائاته التي كان يمليها على تلاميذه، وحيث طلبنا من شيخنا العلامة محمد بن محفوط حفظه الله تعالى نظمه استحاب لذلك ولبى رغبة الطلاب فجزاه الله خيرًا وأثاب.
1 / 17
يقول نجل محفوظ (١) محمد ... أناله ما يرتجيه الصمد
الحمد لله الكريم المغدق ... لنعم عنها يضيق منطقي
صلى وسلم على من أرسلا ... مبلغًا لدينه فأصلا
منه لنا ومنه فصل على ... أكمل وجه جاء به من أرسلا
_________
(١) باختلاس الضمة.
1 / 19
وآله وزوجه وصحبه ... وتابعي منهاجهم من حزبه
وبعد فالقصد بذا النظام ... عقد جواهر من الكلام
موسومة مبادئ الأصول ... أصول فقه العالم الأصولي
حسبما رتبه عبد الحميد ... سليل باديس المصنف المفيد
نظمتها برغبة الطلاب ... أرجو بها الأجر من الوهاب
وربما أخرت أو قدمت ... أو زدت ألفاظًا بها تممت
لكن قفوت الشيخ في الترتيب ... للأصل في الفصول والتبويب
1 / 20
بل إنني ألتزم اتباعه ... في لفظ الأصل قدر الاستطاعة
فقلت والله هو المعين ... إياه نعبد ونستعين
...
واضع فن الأصول
أول من وضعه في دفتري (١) ... محمد بن شافع ذاك السّري
ثم أتت من بعده خليقة ... مصنفون سلكوا طريقه
وهؤلاء اختصروا أو هذّبوا ... وأوضحوا ونظموا وبوّبوا
_________
(١) بالفتحة تكسر داله
1 / 21
وذا كالآمدي والغزالي ... كذا القرافي وأبو المعالي
ثم السيوطي بعد ذا وشيخنا ... عبد الإله العلوي ذو السنا
...
تعريف علم الأصول
عبدالحميد الفاضل الأصولي ... قد جاءنا في الحدّ للأصول
بأنّه علم القواعد التي ... تفيد الأحْكام من الأدلة
وهْي هنا مسوقة وقد حصر ... أبوابها في أربع كما اشتهر
***
1 / 22
الباب الأول
من بالعبودية للمولى أقرّ ... أجابه في كلّ ما منه صدر
ممتثلًا في باطن وظاهري ... طبق نواهي الشّرع والأوامر
يمثل المأمور واللّذْ حظرا ... يتركه والإذن فيه خيّرا
إذ فعله في ذي الثلاث داخل ...أخذًا وتركًا ثم إذنًا يقبل
...
الباب الثاني
لِلَعِبٍ لم توجد الأكوان ... كلا ولم يترك سدى إنسان
1 / 23