وعندما اقترب الرجل الشبيه بالتمثال البرنزي قال الدكتور ماك فيل: هذا فيجايا باتاشاريا، وهو مساعدي . - في المستشفى؟
وهز الدكتور ماك فيل رأسه وقال: في حالات الطوارئ فقط؛ إذ إنني لم أعد أمارس الطب. هذا الرجل وأنا نعمل معا في محطة للتجارب الزراعية. أما موروجان مالندرا (ولوح بيده مشيرا إلى الفتى الأسمر) فهو معنا مؤقتا، يدرس علم التربة وتربية النبات.
وانتحى فيجايا جانبا ووضع يده الضخمة على كتف زميله، ودفعه إلى الأمام. ونظر ويل إلى ذلك الوجه الغض العابس، وعرف فورا بشيء من الدهشة والذهول أنه ذلك الشاب أنيق الملبس الذي التقى به منذ خمسة أيام في راندنج لوبو، والذي ركب معه سيارة الكولونيل ديبا المرسيدس البيضاء وطاف بها أرجاء الجزيرة. وابتسم، وانفرجت شفتاه للكلام ولكنه تحكم في إرادته، وهز الفتى رأسه بشكل غير ملحوظ ولكن بصورة تؤكد لويل ما طاف بخاطره.
ولمح ويل في عينيه تعبيرا عن توسل المكروب. وتحركت شفتاه دون أن يحدث بهما صوتا وكأنه قال: أرجوك، أرجوك ... وأعاد ويل انضباط وجهه.
وقال في نغمة تنم عن المعرفة عن العارضة الرسمية. - أهلا بك يا مستر مالندرا.
وتنفس موروجان الصعداء وقال: أهلا. وانحنى قليلا إلى الأمام.
وتلفت ويل حواليه ليرى إن كان الآخرون قد لاحظوا ما حدث. أما ماري ساروجيني وفيجايا فقد كانا مشتغلين بالنقالة، وأما الدكتور فكان يعيد أدواته إلى حقيبته السوداء. وتم أداء المهزلة القصيرة بغير مشاهدين. وواضح أن موروجان الصغير كان لديه ما يدعو إلى رغبته في إخفاء أنه كان في راندنج؛ فلقد كان الكولونيل ديبا أكثر من والد للفتى الذي كان يرعاه. كما كان موروجان أكثر من ابن طائع؛ كان يقدس الكولونيل تقديسا. فهل كانت العلاقة مجرد إعجاب طالب برجل قوي قام بتفجير ثورة ناجحة، صفى فيها المعارضة ونصب نفسه دكتاتورا؟ أم هل كانت هناك مشاعر أخرى تساوره؟ هل كان موروجان يؤدي دور أنطونيوس لهذا الهادريان
3
صاحب الشارب الأسود؟ ربما كان هذا هو شعوره نحو أعضاء العصابة العسكرية من رجال في منتصف العمر، وربما كان هادريان يحب الفتيان الوسيمين. وتصور ويل أن ذلك ربما كان السبب في امتناع الكولونيل ديبا عن أن يقدم إليه موروجان تقديما رسميا؛ فكل ما ذكره عنه عندما سمح للفتى بالدخول في مكتب الرياسة هو قوله: هذا هو مورو، صديقي الصغير مورو. ثم نهض ووضع يده على كتف الفتى وسار معه إلى الأريكة وجلس إلى جواره. وسأله موروجان: هل تسمح لي بقيادة المرسيدس؟ وابتسم الدكتاتور ابتسامة الرضى وهز رأسه ذا الشعر الأسود الناعم. وكان في ذلك دليل آخر على الظن بأن العلاقة العجيبة بينهما هي أكثر من مجرد صداقة. وكان موروجان كالمسعور أمام عجلة القيادة في سيارة الكولونيل الرياضية. ولا يمكن أن يسمح أحد بقيادة السيارة لمثل هذا السائق وهو مطمئن على نفسه إلا عاشق مفتون، فما بالك والراكب ضيفه. وقد بلغ مؤشر السرعة العشرة بعد المائة مرتين في السهل الذي يقع بين راندنج لوبو وحقول البترول. ثم كانت الحالة أسوأ كثيرا من ذلك على الطريق الجبلي بين حقول البترول ومناجم النحاس. وفي الطريق كانت هناك فجوات غائرة. وعلا صوت عجلات السيارة وهي تدور عند النواصي، وخرجت العجول المائية من غابات الخيزران وكانت على بعد أقدام قليلة أمام السيارة، وهبطت اللوريات التي تبلغ حمولة كل منها عشرة أطنان وهي تزأر مخطئة في جانب الطريق. واستجمع ويل شجاعته وسأل الشاب: ألست في حالة عصبية إلى حد ما؟ ولكن الشاب كان مخلصا كما كان مفتونا فقال: إذا عرف المرء أنه إنما ينفذ مشيئة الله - وأنا أعرف ذلك - يا مستر فارنبي فليس ثمت ما يدعو إلى أن يكون عصبيا. عندئذ تكون العصبية نوعا من الكفر بالله. وحاول موروجان أن يتفادى عجلا في الطريق فانحرف في مسيره، وفتح العلبة الذهبية للسجائر وقدم إلى ويل واحدة من تبغ البلقان.
ونادى فيجايا قائلا: مستعدون!
Bog aan la aqoon