فلما جاءنا صلح الحسن بن علي كأنما كسرت ظهورنا من الغيظ والحزن. فلما جاء الحسن الكوفة جاءه شيخ يكنى أبا عامر شفيق بن ليلى. فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين. فقال:
لا تقل يا أبا عامر، فإني لم أذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك.
وحدث ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: لما دخل معاوية الكوفة حين سلم إليه الأمر الحسن ابن علي كلم عمرو بن العاصي معاوية أن يأمر الحسن بن علي فيخطب الناس، فكره ذلك معاوية وقال: لا حاجة بنا إلى ذلك.
قال عمرو: ولكني أريد ذلك ليبدو عيه، فإنه لا يدري هذه الأمور ما هي. ولم يزل بمعاوية حتى أمر الحسن يخطب. وقال له:
قم يا حسن، فكلم الناس فيما جرى بيننا. فقام الحسن، فتشهد وحمد الله وأثنى عليه وقال في بديهته:
" أما بعد أيها الناس، فإن الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا. وإن لهذا الأمر مدة، والدنيا دول. وإن الله عز وجل يقول: (وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون، إنه يعلم الجهر من القول، ويعلم ما تكتمون، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) (1) فلما قالها. قال له معاوية: إجلس فجلس. ثم قام معاوية فخطب الناس. ثم قال لعمرو: هذا من رأيك.
وروى مجالد بن سعيد عن الشعبي قال: لما جرى الصلح
Bogga 29