الثالث: في بيان وجه الاستحالة فيها واختلال الألفاظ الموضوعة لمعانيها.
فمتى ثبت أن بعض الأسئلة محال وتقرر وجه الاستحالة في المسألة الجوهرية على كل حال ارتفع الجدل والنزاع ولزمه بالضرورة التسليم لموجب العقل والإجماع وبالله التوفيق.
مقالتنا: وقولنا في هذا السؤال على ما عرفنا في الأثر ووجدنا عن أهل البصر إن الله تعالى على كل شيء قدير لا يعجزه شيء أبدا وأن هذا سؤال محال فاسد متناف ينقض بعضه بعضا من حيث إنه سؤال عن القدرة على قسم الجوهر لا على الجوهر نفسه. وقسم الجوهر لا شيء، والقدرة لا تقع إلا على شيء. لأن قوله أيقدر أن يقسم الجوهر. أي يقدر أ، يعدم منه الإجماع الحال فيه ويوجد فيه الافتراق المعدوم منه، فإن معنى قسم الشيء تفويق أجرائه لا غير ذلك فلما أن قال يقدر يقسم الجوهر أي يذهب الاجتماع منه وبعدمه، والجوهر في الحقيقة في المسلمين هو الجزء الواحد الذي لا يتجزأ ولا ينقسم إذ لا اجتماع فيه، انتقي سؤاله وفسد واستحال لأن ما لا يتجزأ في الحقيقة فمعناه لا ينقسم، وما لا ينقسم في الحقيقة فلا قسم له، وما لا قسم له فكيف يصح أن يقال يقدر على قسمه وقسمه لا شيء. كما لو سأل سائل فقال أيقدر أن يعمى الأعمى أم لا؟ لكان الجواب أن الله على كل شيء قدير وأن هذا سؤال فاسد محال من حيث انه سؤال [5] عن القدرة على إعماء الأعمى وهو إذهاب بصره، لا على الأعمى نفسه، الأعمى لا بصر له فيصح أن يقال أن يقدر أن يذهب بصره إذ لا بصر له.
Bogga 11