Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Noocyada
3-2 )، في مناطق النباتات المتعفنة وبقايا الحيوانات.
30
في الواقع إن أي مركب يستطيع نوع معين من البكتيريا تمثيله غذائيا - تحويله إلى الدي إن إيه والآر إن إيه والبروتينات والدهون والكربوهيدرات التي تحتاج إليها في النمو، بالإضافة إلى استخدام الطاقة الصادرة من عملية التمثيل الغذائي في توفير الطاقة لعمليات التصنيع هذه - يحتمل أن يكون عامل جذب لها، في المقابل، فإن المركبات التي لا يمكن تمثيلها غذائيا؛ مثل الفينول وأحماض أخرى تنفر البكتيريا (بالطبع باستثناء البكتيريا المحبة للأحماض).
شكل 3-2: الانجذاب الكيميائي البكتيري لدى سالمونيلا تيفيموريم. يفرز العديد من السوائل من طرف قطارة (أنبوب زجاجي ضيق) في سائل معلق من البكتيريا. يتحرك هذا النوع من البكتيريا إما في اتجاه طرف القطارة أو بعيدا عنه. الصورة (أ) توضح الانجذاب للطعام (الحمض الأميني سيرين)، والصورة (ب) توضح النفور بسبب المواد الكيميائية الضارة (الفينول). ينتهج شكل طافر معين من السالمونيلا تيفيموريم سلوكا عكسيا؛ فينجذب للفينول وينفر من السيرين، لاحظ أن السالمونيلا تيفيموريم هي قريب غير ضار للنوع الممرض للغاية السالمونيلا التيفية، إلا أنهما انفصلا منذ أكثر من 100 مليون سنة، وهو الإطار الزمني الذي تطورت فيه بالكامل فصيلة الثدييات. ظهرت هذه الصورة في الأصل في بحث نشره بي إيه روبيك ودي إي كوشلاند، في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، الولايات المتحدة الأمريكية، العدد 75، 2820-2824، 1978، التي أعيدت طباعتها منها بإذن.
أشرت طوال حديثي هذا إلى أن البكتيريا لديها القدرة على السباحة في أي اتجاه. سأوضح فيما يلي كيف يحدث هذا. توجد لدى البكتيريا المتحركة زائدة شبيهة بالسوط تدور؛ ومن ثم تدفع الخلية إلى الأمام، فلا يختلف هذا كثيرا عن مروحة محرك الدفع الخارجي أو مروحة باخرة عملاقة. يوجد مع ذلك اختلاف واحد أساسي؛ فالزائدة الشبيهة بالسوط، المتحركة لدى بكتيريا مثل الإشريكية القولونية (التي أذكرها فقط لأنها من أفضل أنواع البكتيريا التي خضعت للدراسة) تدور أولا في اتجاه (لنقل في اتجاه عقارب الساعة)، ثم بعد فترة تغير حركتها إلى الاتجاه المقابل (عكس عقارب الساعة)، وينتج عن هذا حركة عشوائية، مثل ورقة شجر تدور على سطح الماء، يدفعها الهواء أولا في أحد الاتجاهات ثم في اتجاه آخر. يتمثل أحد الاختلافات الأخرى بالطبع في أن الطاقة اللازمة لدوران الجزء الدوار المحرك للبكتيريا لا تأتي من احتراق وقود معين، وإنما من المحول الكوني للطاقة الكيميائية؛ ثلاثي فوسفات الأدينوسين. لكن لا تعتقد أن هذه المحركات البكتيرية بطيئة؛ فهي تدور بمعدل نحو 18 ألف دورة في الدقيقة، وهذا ليس سيئا مقارنة بمروحة قارب بخاري صغير (1800 دورة في الدقيقة) أو مروحة سفينة حربية (300 دورة في الدقيقة).
31
إذا كانت الحركة بفعل هذه الزائدة الدوارة عشوائية، فكيف يمكن للبكتيريا التحرك في اتجاه أحد عوامل الجذب وبعيدا عن عامل منفر؟ يرجع هذا إلى منع الحركة العكسية لهذا الدوار أو الحث عليها، ونتيجة لهذا في الحالة الأولى تكون الحركة المفضلة في اتجاه المصدر، وفي الحالة الثانية بعيدا عنه.
لا يقتصر حدوث الانجذاب الكيميائي على البيئات المائية فحسب، وإنما يحدث أيضا في التربة. تدخل البكتيريا الجذرية، التي توجد علاقة تكافل بين كثير منها وجذور النباتات، تحت هذه الفئة. يحدث التكافل بسبب قدرة البكتيريا على «تثبيت» النيتروجين؛ أي أكسدة غاز النيتروجين الموجود في الجو وتحويله إلى أيون النترات، الذي يستخدمه النبات كمصدر للحصول على النيتروجين.
32
في المقابل، يصنع النبات مركبات عضوية، تنمو عليها هذه البكتيريا. فهذه المركبات العضوية تمثل المحفزات الجذابة للانجذاب الكيميائي.
Bog aan la aqoon