Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Noocyada
كما ترتبط جيناتنا بكل الأشياء التي سبقتها، فهل يحتمل فعلا أن يكون تطور هذه الجزيئات حدث في الفضاء الخارجي؛ في مذنبات وغبار النجوم، على مدار فترة ثلاثة ونصف مليارات سنة بالتوازي تماما مع تطورها على سطح الأرض؟ لن نستطيع معرفة هذا حتى نعثر على حياة على كوكب آخر، لكن في اعتقادي أنه عند عثورنا عليها، فإن الجزيئات، بصرف النظر عن الكائنات الفعلية، لن تشبه الموجودة على سطح الأرض على الإطلاق. لكن استمع إلى الجمل الختامية في واحد من آخر المقالات التي كتبها فريد هويل قبل وفاته: «من ثم، فإن التركيبات الجينية لا بد أنها أحضرت إلى الأرض، في مادة المذنبات في اعتقادنا أيضا، التي تربط الحياة هنا بأصلها الكوني؛ فالتطور هنا على وجه الأرض عبر الانتقاء الطبيعي لا يعمل إلا على ضبط نظم النشأة الكونية بمجرد استقرارها هنا.»
10 (2) اعتماد الحياة على الضوء
منذ ظهور البكتيريا القديمة لأول مرة، إن لم يكن قبل ذلك، كان ضوء الشمس أساسيا للحياة على سطح الأرض؛ فهو وحده يوفر الطاقة التي تمكن النباتات وبعض البكتيريا من إجراء عملية التمثيل الضوئي؛ ومن ثم تنمو، وعن طريق تناول النباتات تستخدم الحيوانات بعضا من هذه الطاقة في نموها وحركتها؛ ومن ثم تعتمد هي الأخرى، على نحو غير مباشر، في بقائها على ضوء الشمس. تكون أشعة الشمس ضرورية أيضا لأسباب أخرى؛ فالحرارة التي تصدرها تحافظ على بقاء المياه في معظم أنحاء الكوكب في صورة سائلة، ويعتبر الماء المذيب العالمي الذي تحدث بداخله كافة تفاعلات المادة الحية، ولا تستطيع الحيوانات التي تعيش في درجات حرارة تحت الصفر البقاء على قيد الحياة إلا لأن الحرارة الناتجة من عملية الأيض لديها تمنع الماء الموجود في خلاياها من التجمد.
11
إلا أن أشعة الشمس تصطدم بالأرض في أثناء النهار فقط، وربما يتساءل البعض عن سبب عدم انخفاض درجة الحرارة سريعا في أثناء الليل؛ فهي لا تنخفض أكثر من 30 إلى 40 درجة مئوية في أحسن تقدير، مقارنة بفارق يزيد عن ألف درجة مئوية على سطح القمر بين النهار والليل. والسبب الأساسي في هذا هو نفسه الذي يمنع درجة الحرارة من الارتفاع كثيرا طوال النهار؛ فثمة طبقة من الغازات في الغلاف الجوي تحمي القشرة الأرضية من التعرض للحرارة والبرودة الشديدتين، وأهم هذه الغازات هو غاز ثاني أكسيد الكربون.
12
وهذا الاستقرار النسبي في درجة الحرارة، سواء بالقرب من القطبين أو عند خط الاستواء، هو الذي سمح للحياة بالتطور والاستمرار في هذا.
توجد سمات مشتركة بين التمثيل الضوئي وعملية الإبصار لدى الحيوانات؛ فالرؤية لها أهمية قصوى في قدرة الحيوانات على البحث؛ فالحيوانات الضريرة، مثل الأسماك القوبيونية الضريرة «تيفلوجوبيوس كاليفورنينسيس»، التي تعتمد على جمبري البرغوث «كالياناسا» ليحفر لها حفرا تعيش فيها، لم تحقق نجاحا كبيرا في عملية التطور. من ناحية أخرى، تعتمد حيوانات أخرى، مثل البوم وبعض أنواع الوطاويط
13
التي تصطاد في الليل، على حاسة بصرية حساسة للغاية في العثور على فرائسها. يمارس الإنسان سعيه، حتى في ظل التكنولوجيا الموجودة حاليا، في الأساس في أثناء النهار؛ فمعظمنا يقضي الليل في النوم. صحيح أن كثيرا من الحيوانات يدرك وجود فريسة (أو مفترس) من الرائحة، كما أن الزواحف، مثل الثعابين، تتمتع بكاشفات حرارة بالغة الحساسية أيضا، إلا أن معظم الحيوانات لديها عينان تسمحان لها بالتعرف على الأشياء كجزء من سعيها للحصول على الطعام والتكاثر.
Bog aan la aqoon