Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Noocyada
يغفل هذا التعريف الآليات الجزيئية ولكنه يضع في اعتباره الأسباب الجغرافية والسلوكية لغياب التدفق الجيني. لا يزال المتخصصون في علم الحيوانات مختلفين حول هذه القضايا . وما يعنينا في هذا أن التمييز بين الأنواع المختلفة والأشكال المتباينة داخل النوع نفسه ليس دقيقا. حتى داروين نفسه كان متحفظا؛ فلم يحدد في أي موضع من كتابه «أصل الأنواع» ما يقصده بالضبط بالنوع.
ذكرت من قبل تضاعف جينات معينة؛ ويحدث هذا عندما ينسخ جين معين مرتين بدلا من مرة واحدة في أثناء عملية تصنيع الدي إن إيه. يعني مثل هذا الحدث وجود جينين متطابقين، أحدهما بجوار الآخر، على الكروموسوم نفسه. تصحح هذه العيوب، تماما مثل الطفرات داخل الجينات، بوجه عام في أثناء عملية تعرف باسم «تصحيح الأخطاء». لكن إذا كانت آلية تصحيح الأخطاء هذه هي نفسها تالفة، فقد تظل الأخطاء موجودة وتنتقل إلى الجيل التالي (إذا حدثت الطفرة في خلية جنسية). يولد امتلاك نسخ متعددة من الجينات فرصة لإنتاج بروتينات ذات تأثير متفاوت عن طريق الطفرات التالية.
16
من ثم يؤدي تضاعف الجينات وطفورها باستمرار إلى إنتاج أشكال مختلفة من البروتينات، وإذا عانى الذين يمتلكون هذه البروتينات من ظروف معيشية صعبة، فإن الجينات الطافرة ستختفي بالتدريج من تجميعة الجينات؛ لكن إذا كان لهذه البروتينات فائدة، فإنها ستظل باقية، ومع تراكم المزيد من مثل هذه الأشكال الطافرة لدى تجمع من السكان، فإنها ستمد أصحابها في النهاية بصفات تميزهم عن أسلافهم. وهذه، بإيجاز، الكيفية التي يظهر بها نوع جديد.
لا يظهر النوع الجديد، سواء لإنسان أو قرد أو فيل أو فراشة، ببساطة في وقت ما؛ فجميع الكائنات
17
تتغير باستمرار بالطرق غير الملحوظة التي شرحتها. ومن بين كافة الأشكال المتغيرة التي تظهر، قد يجد بعضها أنه أكثر ملائمة للبيئة في هذا الوقت من غيره؛ ومن ثم يتكاثر أسرع. تواصل الكائنات الأكثر تكيفا الازدهار، بينما تختفي الكائنات الأخرى بالتدريج؛ ويعني العدد الهائل من الكائنات الناجحة فوزها في المنافسة على الطعام والمأوى والماء والتزاوج، وربما تكون لديها قدرة أفضل أيضا على تجنب المفترسات. هذا في الأساس ما كان يعنيه تشارلز داروين والعالم المعاصر له الذي ينساه كثيرون، ألفريد راسل والاس،
18
حين اقترحا أن تطور الأنواع يحدث من خلال الانتقاء الطبيعي، عبر آلية «البقاء للأقوى»، على حد قول هيربرت سبنسر، المصلح الاجتماعي الذي ظهر في القرن التاسع عشر، وكان أحد أنصار نظرية داروين التطورية. بحلول منتصف القرن التاسع عشر، بدأت مبادئ التغير الجغرافي البطيء - مثل تكون الأودية من خلال عملية التعرية التي تحدث بسبب الأنهار الجليدية والأنهار العادية - تظهر ويقرها كثير من العلماء في هذا الوقت.
19
Bog aan la aqoon