Jawhar Insaniyya

Zaynab Catif d. 1450 AH
136

Jawhar Insaniyya

جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف

Noocyada

62

أنهي هذا الفصل بملاحظة مختلفة؛ أن بعض الابتكارات التكنولوجية - وأنا لا أشير إلى التي تستخدم في الحرب - لا تنتج منها منفعة بل كارثة. وما استخدام الثياليدومايد لمنع الشعور «بالغثيان الصباحي» لدى السيدات الحوامل ومصير محطة تشرنوبل للطاقة النووية إلا مثالين من أبرز الأمثلة على هذا. هل يجب على الدولة التدخل في بحث الإنسان عن التكنولوجيا الحديثة إذا رأت أن له نتائج عكسية؟ المشكلة أن الحكومات عادة ما تفهم الأمر على نحو خاطئ (وفي حالة تشرنوبل كانت هي نفسها مسئولة عن إنشاء هذه المحطة).

63

سأعود للحديث عن هذا الموضوع في الجزء الثالث، عند حديثي عن ثمار التكنولوجيا الحديثة. أنا أرى أن المخترعين أناس محترمون؛ فمعظم الأشرار لا يختارون قضاء وقتهم في الرحلة المضنية من التجربة والخطأ التي يقوم عليها أي اختراع جديد. كان فرانكنشتاين ابتكارا وليد قريحة ماري شيلي؛ فلا وجود لكثير منه في العالم الواقعي. أما فيما يتعلق بالابتكار في حد ذاته، فعلينا أن نشك في نتيجته. وبالطبع يجب على الحكومات منع اختراع التقنيات التي تبدو متهورة أو بغيضة. إلا أن الجانب السلبي لإضاعة اختراع مثل معالجة مياه الصرف أو استخدام البنسيلين، التي أنقذت حياة الملايين، يفوق بالتأكيد أي خطر محتمل.

هوامش

الفصل العاشر

الدين: الإيمان والعقيدة

«الدين أفيون الشعوب.» لم تكن ملاحظة كارل ماركس هذه متعالية فقط، وإنما كانت خاطئة كذلك؛ فالمخدرات تجعلك تنسى العالم من حولك، أما الدين فيمثل سعي الإنسان الأول لفهم هذا العالم وإدخال معتقدات روحية في حياته. ربما يكون الإغريق تخلوا عن فهم العالم عبر الدين وفضلوا الفلسفة، لكن في كل مكان آخر استمرت المعتقدات الدينية في تقديم الإجابات وحدها. ولم يبدأ العلم في تقديم تفسيرات أكثر إرضاء إلا في القرن السابع عشر. وإذا كان ملايين الناس في عصرنا الحالي في جميع أنحاء العالم يواصلون ممارسة الشعائر الدينية عبر الصلاة، فإن هذا يكون من أجل السكينة، وليس من أجل السلوان. (1) المعتقدات القديمة

لا بد أن طبيعة العالم الفيزيائي الذي عاش فيه الإنسان منذ القدم حيرته، وعلى الأرجح ينطبق الأمر نفسه على معظم الحيوانات الواعية أيضا. فحتى أكثر المثقفين في العالم القديم في بلاد سومر وفي مصر والهند والصين وكريت وأمريكا الوسطى والجنوبية لا بد أنهم تساءلوا عن أصل هذه النقاط اللامعة التي يستطيعون رؤيتها في السماء ليلا، لكن ليس في أثناء النهار. لقد أدركوا أن هذه الأجسام السماوية تتحرك بنمط محدد، واستطاعوا حتى توقع تغيرات دقيقة في مواضعها. لكن ما أصلها؟ لا بد أن هذا التساؤل كان مصحوبا بخوف، ليس من تحول النهار إلى ليل (رغم أن الوجود في الظلام ما زال يخيفنا)، أو من تحول الصيف إلى شتاء، بل مع كل مرة يحدث فيها برق ورعد، وزلزال وانفجار بركاني، وإعصار وطوفان. يكون الشيء غير المتوقع أكثر رعبا من الشيء المتكرر. ثم هناك الموت، وهو أكثر الأشياء المخيفة على الإطلاق.

1

Bog aan la aqoon