Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Noocyada
8-1 ، الأكاديون المحتلون، رغم أنهم كانوا يتحدثون لغة مختلفة، أصبحت حاليا ما يعرف باسم الحامية السامية (تسمى أيضا الأفريقية الآسيوية). يمثل هذا أول استخدام لكتابة مشتركة للغتين مختلفتين. نقح الفرس الكتابة المسمارية وحولوها إلى أبجدية (البهلوية)، وهي التي ظلت تستخدم حتى حلت محلها الكتابة العربية عقب فتح المسلمين لبلاد فارس في القرن السابع الميلادي. استخدم الإغريق كتابة أبجدية قبل وقت طويل من غزو الإسكندر لبلاد فارس، وظلت مستخدمة، في شكل أبجدية لاتينية وسيريلية، داخل مجموعة اللغات الهندية الأوروبية، وكذلك داخل اللغات الفنلندية والمجرية والتركية حتى يومنا هذا. ينسب آخرون أصل الأبجدية للفينيقيين في عام 1400 قبل الميلاد تقريبا، التي انتقلت منهم إلى الإغريق. نشأ نوع آخر من الأبجدية في كنعان (يقال إن الوصايا العشر كتبت بها على ألواح من الحجارة) في نحو 1300 قبل الميلاد.
يطلق ببساطة على اللغة التي تحدث بها المصريون القدماء اللغة المصرية؛ وهي واحدة من مجموعة اللغات الحامية السامية، وتعتبر أحد فروعها اللغة القبطية، التي تحدثت بها طائفة المسيحيين منذ القرن الرابع الميلادي تقريبا فصاعدا. ورغم الاستعاضة عنها باللغة العربية إلى حد كبير بعد القرن السابع، ظلت القبطية مستخدمة لألف سنة أخرى، وما زالت تشكل جزءا من الطقوس الدينية للأقباط، الذين يمارس نحو 35 مليونا منهم هذا الشكل من أشكال المسيحية في جميع أنحاء العالم في عصرنا الحالي. ومن هذا المنظور يمكن القول إن شكلا من أشكال اللغة المصرية ظل مستخدما على الدوام في الكلام لأكثر من 5 آلاف سنة، وهذا أطول من أي لغة أخرى. كانت الكتابة التي اخترعها المصريون هي الهيروغليفية، وتعني استخدام الرموز التصويرية للدلالة على الأشياء والمفاهيم والمقاطع أيضا. تعتبر الصينية على النقيض من الهيروغليفية، فيشير كل رمز فيها إلى كلمة كاملة، بينما تعتبر اليابانية الحديثة على نقيض آخر؛ إذ لا يمثل أي رمز فيها أكثر من مقطع واحد. استخدمت نسخ مختلفة من الهيروغليفية المصرية في النصوص الدينية (الهيراطيقية)، وفي الوثائق العادية (الديموطيقية). تسجل الهيروغليفية المصرية الموجودة على جدران الأهرامات وداخل المقابر حياة الحكام المسئولين عن بنائها وإنجازاتهم. وقد حلت رموز هذه النصوص نتيجة للحرب.
عندما غزا نابليون مصر في عام 1798، كان هدفه منع الإنجليز من التجارة مع الهند (التي كان جزء منها يحدث برا، بالطبع، نظرا لعدم حفر قناة السويس إلا بعد 60 عاما من هذا الوقت). فشلت حملة نابليون، لكنه حقق هدفا ثانويا. فبجانب جنوده الذين بلغ عددهم 38 ألفا كان ثمة 150 عالما كانت مهمتهم تفسير الثقافة المصرية. وفي أثناء عمليات التنقيب بالقرب من مدينة صغيرة في دلتا نهر النيل، عثر على لوح سميك من البازلت الأسود، يبلغ طوله مترا تقريبا وعرضه ثلاثة أرباع المتر. كان يضم ثلاث مجموعات من النقوش؛ بالهيراطيقية الهيروغليفية، والديموطيقية الهيروغليفية، والرموز الإغريقية (صورة 4). ظهرت أهمية هذا الاكتشاف على الفور. فإذا كانت النسخة الإغريقية هي ترجمة لأول مجموعتين من الكتابة، فيمكن من حيث المبدأ فك شفرة الكتابة التي حيرت كل العلماء السابقين. أما من الناحية العملية فلم يكن الأمر بهذه السهولة؛ أولا: تحطم قدر كبير من الجزء العلوي للوح وبعض من الجزء الأوسط والجزء السفلي، وفشلت محاولات العثور على الأجزاء المفقودة. وثانيا: لم يكن واضحا أي كلمة إغريقية تقابل أي حرف هيروغليفي بالتحديد. ومع ذلك، كانت ثمة أهمية بالغة لهذا اللوح - الذي سمي حجر رشيد على اسم مدينة رشيد التي عثر عليه بالقرب منها - فطبعت الرموز الموجودة عليه بالحبر على الفور، وأرسلت إلى علماء في جميع أنحاء أوروبا. وفي هذا الوقت كان نابليون قد ترك مصر، وسرعان ما وصل اللوح إلى لندن حيث انتهى به الحال، مثل كثير من البقايا الأثرية الأخرى، في المتحف البريطاني. سرعان ما ترجمت الكتابة الإغريقية على الحجر على يد الكاهن ستيفن واطسون؛ فقد اتضح أنه مرسوم كتب في عام 196 قبل الميلاد، كرم فيه الملك الشاب بطليموس الخامس وأعماله.
10
كان من بين العلماء الذين جاءوا مع نابليون عالم الرياضيات جان باتيست فورييه،
11
وعند عودته إلى فرنسا عرض فورييه نقوش حجر رشيد على دارس صغير سابق لسنه وهو جان فرانسوا شامبليون.
في سن الثانية عشرة كان شامبليون يدرس العبرية والعربية والسورية والكلدانية (لغة استخدمت في وقت لاحق في بابل)، وكان يعرف بالفعل اللاتينية والإغريقية. وفي سن الخامسة عشرة التحق بمدرسة اللغات الشرقية في باريس، وفي خلال سبع سنوات أصبح أستاذا للتاريخ القديم في جروبوبل. مثلت الحروف الهيروغليفية المصرية تحديا جديدا شغل شامبليون لما بقي من حياته. إلا أنه كان يتنافس ضد عالم إنجليزي له اهتمامات واسعة النطاق، وهو توماس يونج الذي يحظى باحترام بالغ، والذي كان يكبر شامبليون بسبع عشرة سنة. كان يونج قد قدم بالفعل إسهامات ملحوظة في دراسة الميكانيكا
12
وفي علم البصريات،
Bog aan la aqoon