قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ستكون فتن كقطع الليل المظلم قيل فما النجاة منها يا رسول الله قال كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الاهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به اجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن وقال صلى الله عليه وسلم ان الذي يتعاهد القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة وقال صلى الله عليه وسلم اتلوا هذا القرآن فان الله ياجركم بالحرف منه عشر حسنات أما أنى لا أقول ألم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف وقال صلى الله عليه وسلم ما من شفيع افضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك وقال صلى الله عليه ولم افضل عبادة امتي القرآن وحدث انس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن قال الشيخ يحيى بن شرف النووي اعلم ان قراءة القرآن اكد الاذكار وافضلها فينبغي المداومة عليها فلا يخلو عنها يوما وليلة ويحصل له اصل القراءة بقراءة الآيات القليلة والمطلوب القراءة بالتدبر والخشوع والخضوع وقد روينا في كتاب ابن السني عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قرأ خمسين آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يحاجه القرآن يوم القيامة ومن قرأ خمسمائة آية كتب له قنطار من الاجر وفي رواية من قرأ أربعين آية بدل خمسين وفي رواية عشرين آية وفي رواية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ عشر آيات لم يكتب من الغافلين وجاء في الباب أحاديث كثيرة بنحو هذا انتهى من الحلية وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اشراف امتي حملة القرآن وروى انس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القرآن شافع مشفع وما حل مصدق ومن شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار واحق من شفع له القرآن اهله وحملته واولى من محل به من عدل عنه وضيعه وقال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم الم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم فلعله قرأ سورة البقرة فسئل ثابت ابن قيس فقال نعم قرأت سورة البقرة وفي هذا المعنى حديث صحيح عن اسيد ابن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة قلت وفي رواية سورة الكهف وهذا الحديث خرجه البخاري ومسلم والترمذي والنساءي انتهى وقال عقبة بن عامر عهد الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال عليكم بالقرآن وقال عبد الله بن عمرو بن العاص ان من اشراط الساعة ان يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الاشرار ويوضع الاخيار وان تقرأ المثناة على رءوس الناس لا تغير قيل وماالمثناة قال ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما اخذتموه عن من تامنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه ابناءكم فانكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل وقال رجل لعبد الله ابن مسعود اوصني فقال إذا سمعت الله تعالى يقول يا ايها الذين ءامنوا فارعها سمعك فإنه خير يأمر به او شر ينهى عنه وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن احسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى وقال صلى الله عليه وسلم اقرءوا القرآن قبل ان يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون اجره ولا يتأجلونه وروي أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر هكذا كنا ثم قست القلوب وروي ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة ان عذاب ربك لواقع ما له من دافع فأن أنة عيد منها عشرين يوما قال القرطبي في التذكرة وما تقرب المتقربون إلى الله تعالى بشيء مثل القرآن قال صلى الله عليه وسلم يقول الرب تبارك وتعالى من شغله قراءة القرآن عن مسألتي اعطيته افضل ما اعطى السائلين رواه الترمذى انتهى قلت ولفظ الترمذى عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الرب عز وجل من شغله القرآن وذكري عن مسألتي اعطيته افضل ما اعطي السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وعن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح انتهى وعماد الامر التدبر والتفهم فقلة القراءة مع التفهم افضل من كثرتها من غير تفهم وهذا الذي عليه المحققون وهو الذي يدل عليه القرآن وصحيح الآثار ولولا الاطالة لاتينا من ذلك بما يثلج له الصدر وقد ذكر بعض شراح الرسالة في الذي يقرأ القرآن من غير تأمل ولا تفهم هل له أجر أم لا قولان وهذا الخلاف والله اعلم في غير المتعلم والقول بعدم الاجر على ضعفه هو ظاهر ما حكاه عياض في المدارك عن الشلبي في قصته مع الامام المقرىء وبالجملة فالتدبر والتفهم هو الذي يحصل معه الانابة والخشوع وكل خير ونقل الباجى في سنن الصالحين عن محمد بن كعب القرظي قال لان اقرأ في ليلى حتى أصبح بإذا زلزلت وبالقارعة لا أزيد عليها واتردد فيها واتفكر احب إلى من أن اهذ القرآن ليلى هذا أو قال انثره نثرا ونحوه عن مجاهد وغيره وعن ابن عباس قال ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه انتهى قال ابن ابي جمرة والمرغب فيه التدبر في القراءة وان قلت وهو خير من كثرة القراءة بلا تدبر وفائدة التدبر هو أن تعرف معنى ما تتلوه من الآي انتهى وقال الحسن بن أبي الحسن انكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وان من كان قبلكم رأوه رسائل اليهم من ربهم فكانوا يتدبرونه بالليل وينفذونه بالنهار وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول انزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا ان احدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد اسقط العمل به قال ع قال الله تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر وقال تعال انا سنلقي عليكم قولا ثقيلا أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم وقيل ليوسف بن اسباط بأي شيء تدعوا إذا ختمت القرآن فقال استغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته ثم تركت ما فيه من الاعمال خشيت المقت فاعدل إلى الاستغفار والتسبيح وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته اردت الرجوع من اوله فقال لي اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعال في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه قال الغزالي في كتاب التفكر واما طريق الفكر الذي تطلب به العلوم التي تثمر اجتلاب احوال محمودة أو التنزه عن صفات مذمومة فلا يوجد فيه انفع من تلاوة القراءن بالفكر فانه جامع لجميع المقامات والاحوال وفيه شفاء للعالمين وفيه ما يورث الخوف والرجاء والصبر والشكر والمحبة والشوق وسائر الاحوال المحمودة وفيه ما يزجر عن سائر الصفات المذمومة فينبغي ان يقرأه العبد ويردد الآية التي هو محتاج إلى التفكر فيها مرة بعد أخرى ولو ليلة كاملة فقراءة آية بتفكر وفهم خير من ختمة من غير تدبر وفهم فان تحت كل كلمة منه اسرارا لا تنحصر ولا يوقف عليها الا بدقيق الفكر عن صفاء القلب بعد صدق المعاملة وكذلك حكم مطالعة اخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدة اوتي عليه السلام جوامع الكلم فكل كلمة من كلماته بحر من بحور الحكمة لو تأمله العالم حق تأمله لم ينقطع فيه نظره طول عمره وشرح ءاحاد الآيات والاخبار يطول وانظر قوله صلى الله عليه وسلم ان روح القدس نفث في روعى احبب من احببت فانك مفارقه وعش ما شئت فانك ميت واعمل ما شئت فانك مجزي به فان هذه الكلمات جامعة لحكم الاولين والآخرين وهي كافية للمتأملين ولو وقفوا على معانيها وغلبت على قلوبهم غلبة يقين لاستغرقتهم ولجالت بينهم وبين التلفت إلى الدنيا بالكلية انتهى من الاحياء باب في فضل تفسير القرآن واعرابه
Bogga 10