Jawahir al-Hassan fi Tafsir al-Qur'an
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Noocyada
وقوله سبحانه فعقروا الناقة يقتضي بتشريكهم أجمعين في الضمير إن عقر الناقة كان على تمالىء منهم واتفاق وكذلك روي أن قدارا لم يعقرها حتى كان يستشير وعتوا معناه خشنوا وصلبوا ولم يذعنوا للأمر والشرع وصمموا على تكذيبه واستعجلوا النقمة بقولهم ائتنا بما تعدنا فحل بهم العذاب والرجفة ما تؤثره الصيحة أو الطامة التي يرجف بها الإنسان وهو أن يتحرك ويضطرب ويرتعد ومنه فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده وروي أن صيحة ثمود كان فيها من كل صوت مهول وكانت مفرطة شقت قلوبهم فجثموا على صدورهم والجاثم اللاطىء بالأرض على صدره فجاثمين معناه باركين قد صعق بهم وهو تشبيه بجثوم الطير وجثوم الرماد قال بعض المفسرين معناه حمما محترقين كالرماد الجاثم وذهب صاحب هذا القول إلى أن الصيحة اقترن بها صواعق محرقة وروي أن الصيحة أصابت كل من كان منهم في شرق الأرض وغربها إلا رجلا كان في الحرم فمعنه الحرم ثم هلك بعد خروجه من الحرم ففي مصنف أبي داود قيل يا رسول اله من ذلك الرجل قال أبو رغال وذكره الطبري أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الخبر يرد ما في السير من أن أبا رغال هو دليل الفيل وقوله فتولى عنهم أي تولى عنهم وقت عقر الناقة وذلك قل نزول العذاب وكذلك روي أنه عليه السلام خرج من بين أظهرهم قبل نزول العذاب وهو الذي تقتضيه مخاطبته لهم ويحتمل أن يكون خطابه لهم وهم موتى على جهة التفجع عليهم وذكر حالهم أو غير ذلك كما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر قال الطبري وقيل أنه لم تهلك أمة ونبيها معها وروي أنه أرتحل بمن معه حتى جاء مكة فأقام بها حتى مات ولفظ التولي يقتضي اليأس من خيرهم واليقين في إهلاكهم وقوله ولكن لا تحبون الناصحين عبارة عن تغليبهم الشهوات على الرأي السديد إذ كلام الناصح صعب مضاد لشهوة الذي ينصح ولذلك تقول العرب أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك
Bogga 35