Jawahir al-Hassan fi Tafsir al-Qur'an
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Noocyada
وقوله عز وجل ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يجب المعتدين هذا أمر بالدعاء وتعبد به ثم قرن سبحانه بالأمر به صفات تحسن معه وقوله تضرعا معناه بخشوع وإستكانه والتضرع لفظة تقتضي الجهر لأن التضرع إنما يكون بإشارات جوارح وهيآت أعضاء تقترن بالطلب وخفية يريد في النفس خاصة وقد أثنى الله سبحانه على ذلك في قوله سبحانه إذ نادى ربه نداء خفيا ونحو هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم خير الذكر الخفي والشريعة مقررة أن السر فيما لم يفرض من أعمال البر أعظم أجرا من الجهر ت ونحو هذا لابن العربي لما تكلم على هذه الآية قال الأصل في الأعمال الفرضية الجهر والأصل في الأعمال النفلية السر وذلك لما يتطرق إلى النفل من الرياء والتظاهر بذلك في الدنيا والتفاخر على الأصحاب بالأعمال وقلوب الخلق جبلت بالميل إلى أهل الطاعة انتهى من الأحكام وقوله سبحانه إنه لا يحب المعتدين يريد في الدعاء وإن كان اللفظ عاما والاعتداء في الدعاء على وجوه منها الجهر الكثير والصياح وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ومنها أن يدعو في محال ونحو هذا من التشطط وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سيكون قوم يعتدون في الدعاء وحسب المراء أن يقول اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل وقال البخاري إنه لا يحب المتعدين أي في الدعاء وغيره انتهى ت قال الخطابي وليس معنى الاعتداء الإكثار فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله يحب الملحين في الدعاء وقال إذا دعا أحدكم فليستكثر فإنما هو يسأل ربه انتهى وروى أبو داود في سننه عن عبد الله بن مغفل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهر والدعاء انتهى
وقوله سبحانه ولا تفسدوا في الأرض الآية ألفاظها عامة تتضمن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر والقصد بالنهي هو العموم وتخصيص شيء دون شيء في هذا تحكم إلا أن يقال على جهة المثال
وقوله سبحانه وأدعوه خوفا وطمعا أمر بأن يكون الإنسان في حالة تقرب وتحرز وتأميل لله عز وجل حتى يكون الخوف والرجاء
Bogga 24