200

Jawahir al-Hassan fi Tafsir al-Qur'an

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Noocyada

المتأخرين ولا وجه عندى لذكره في الصحابة وأما معنى الآية من أولها إلى اخرها فهو أن الله سبحانه أخبر المؤمنين أن حكمه في الشهادة على الموصى إذا حضره الموت أن تكون شهادة عدلين فإن كان في سفر وهو الضرب في الأرض ولم يكن معه من المؤمنين أحد فليشهد شاهدين ممن حضره من أهل الكفر فإذا قدما وأديا الشهادة على وصيته حلفا بعد الصلاة انهما ما كذبا ولا بدلا وأن ما شهدنا به حق ما كتمنا فيه شهادة الله وحكم بشهادتهما فإن عثر بعد ذلك على انهما كذبا أو خانا أو نحو هذا مما هو اثم حلف رجلان من أولياء الموصى في السفر وغرم الشاهدان ما ظهر عليهما هذا معنى الآية على مذهب أبي موسى الاشعري وابن عباس وسعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر وابن جبير وأبي مجلز وإبراهيم وشريح وعبيدة السلماني وابن سيرين ومجاهد وغيرهم قالوا ومعنى قوله منكم أي من المؤمنين ومعنى من غيركم أي من الكافرين قال بعضهم وذلك أن الآية نزلت ولا مؤمن إلا بالمدينة وكانوا يسافرون في التجارة مع أنواع الكفرة واختلفت هذه الجماعة المذكورة فمذهب أبي موسى الاشعري وغيره ان الآية محكمة ومذهب جماعة جماعه منهم أنها منسوخة بقوله وأشهدوا ذوي عدل منكم وبما عليه إجماع جمهور الناس إن شهادة الكفار لا تجوز قال ع ولنرجع الآن إلى الاعراب ولنقصد القول المفيد لأن الناس خلطوا في تفسير هذه الآية تخليطا شديدا وذكر ذلك والرد عليه يطول وفي تبيين الحق الذي تتلقاه الأذهان بالقبول مقنع والله المستعان فقوله تعالى شهادة بينكم هي الشهادة التي تحفظ لتؤدي ورفعها بالابتداء والخبر في قوله اثنان وقوله تعالى إذا حضر أحدكم الموت معناه إذا قارب الحضور والعامل في إذا المصدر الذي هو شهادة وهذا على أن تجعل إذا بمنزلة حين لا تحتاج إلى جواب ولك أن تجعل إذا في هذه الآية المحتاجة إلى الجواب لكن استغنى عن جوابها بما تقدم في قوله شهادة بينكم إذ المعنى إذا حضر أحدكم الموت فينبغي أن يشهد وقوله حين الوصية ظرف زمان والعامل فيه حضر وإن شئت جعلته بدلا من إذا وقوله ذوا عدل صفة لقوله اثنان ومنكم صفة أيضا بعد صفة وقوله من غيركم صفه لاخران وقوله تحبسونها صفة لاخران ايضا واعترض بين الموصوف والصفة بقوله أن أنتم إلى الموت وأفاد الاعتراض أن العدول إلى آخرين من غير الملة إنما يكون مع ضرورة السفر وحلول الموت فيه واستغني عن جواب أن لما تقدم من قوله أو آخران من غيركم وقال جمهور من العلماء الصلاة هنا صلاة العصر وقال ابن عباس إنما هي صلاة الذميين وأما العصر فلا حرمة لها عندهما والفاء في قوله فيقسمان عاطفة جملة على جملة لأن المعنى تم في قوله من بعد الصلاة وقوله إن ارتبتم شرط لا يتجه تحليف الشاهدين إلا به والضمير في قول الحالفين لا نشتري به عائد على القسم أو على اسم الله وقوله لا نشتري جواب يقتضيه قوله فيقسمان بالله لأن أقسم ونحوه يتلقى بما تتلقى به الإيمان وقوله ثمنا أي ذا ثمن وخص ذو القربى بالذكر لأن العرب أميل الناس إلى قراباتهم واستسهالهم في جنب نفعهم ما لا يستسهل وقوله ولا نكتم شهادة الله أضاف الشهادة إليه تعالى من حيث هو الآمر بإقامتها الناهي عن كتمانها وروي عن الشعبي وغيره شهادة بالتنوين الله بقطع الألف دون مد وخفض الهاء وقال أيضا يقف على الهاء من شهادة بالسكون ثم يقطع الألف المكتوبة من غير مد كما تقدم وروي عنه كان يقرأ آلله بمد ألف الاستفهام في الوجهين اعني بسكون الهاء من شهادة وتحريكها منونة منصوبة ورويت هذه التي هي تنوين شهادة ومد ألف الاستفهام بعد عن علي بن أبي طالب قال أبو الفتح إنما تسكن هاء شهادة في الوقف عليها وقوله سبحانه فإن عثر استعارة لما يوقع على علمه بعد خفائه واستحقا إثما معناه استوجباه من الله وكانا أهلا له لأنهما ظلما وخانا وقوله تعالى فآخران أي إذا عثر على خيانتهما فألاوليان باليمين وإقامة القضية آخران من القوم الذين هم ولاة الميت واستحق عليهم حظهم أو نصيبهم أو مالهم أو ما شئت من هذه التقديرات وقرأ نافع وغيره استحق مضمومة التاء والاوليان على تثنية الأولى وروي عن ابن كثير استحق بفتح التاء وكذلك روي حفص عن عاصم وفي قوله استحق استعارة لأنه لا وجه لهذا الاستحقاق إلا الغلبة على الحال بحكم انفراد هذا الميت وعدمه لقرابته أو لأهل دينه فاستحق هنا كما تقول لظالم يظلمك هذا قد استحق علي مالي أو منزلي بظلمه فتشبهه بالمستحق حقيقة إذ تصور تصوره وتملك تملكه هكذا هي استحق في الآية على كل حال وأن أسندت إلى النصيب ونحوه وقرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر أستحق بضم التاء الأولين على جمع أول ومعناها من القوم الذين استحق عليهم أمرهم إذ غلبوا عليه ثم وصفهم بأنهم أولون أي في الذكر في هذه الآية وذلك في قوله اثنان ذوا عدل منكم ثم بعد ذلك قال أو آخران من غيركم وقوله فيقسمان يعني الآخرين اللذين يقومان مقام شاهدي الزور وقولهما لشهادتنا أي لما أخبرنا نحن به وذكرناه من نص القصة أحق مما ذكراه أولا وحرفاه وما اعتدينا في قولنا هذا وقولهما انا إذا لمن الظالمين تبر في صيغة الاستعظام والاستقباح للظلم وقوله تعالى ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد إيمان بعد إيمانهم الآية الإشارة بذلك هي إلى جميع ما حد قبل من حبس الشاهدين من بعد الصلاة لليمين

Bogga 498