واختلف المفسرون في المعنى الذي استعير له الصراط في هذا الموضع فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه الصراط المستقيم هنا القرآن وقال جابر هو الإسلام يعني الحنيفية وقال محمد بن الحنفية هو دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره وقال أبو العالية هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر أي الصراط المستقيم طريق محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وهذا قوي في المعنى إلا أن تسمية أشخاصهم طريقا فيه تجوز ويجتمع من هذه الأقوال كلها أن الدعوة هي أن يكون الداعي على سنن المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في معتقداته وفي التزامه لأحكام شرعه وذلك هو مقتضى القرآن والإسلام وهو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وهذا الدعاء إنما أمر به المؤمنون وعندهم المعتقدات وعند كل واحد بعض الأعمال فمعنى قوله اهدنا فيما هو حاصل عندهم التثبيت والدوام وفيما ليس بحاصل إما من جهة الجهل به أو التقصير في المحافظة عليه طلب الإرشاد إليه فكل داع به إنما يريد الصراط بكماله في أقواله وأفعاله ومعتقداته واختلف في المشار إليهم بأنه سبحانه أنعم عليهم وقول ابن عباس وجمهور من المفسرين أنه أراد صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وانتزعوا ذلك من قوله تعالى ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم الآية إلى قوله رفيقا وقوله تعالى غير المغضوب عليهم ولا الضالين اعلم أن حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة وإنما تنكرت غير ومثل مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما وذلك إذا قلت رأيت غيرك فكل شيء سوى المخاطب فهو غيره وكذلك إن قلت رأيت مثلك فما هو مثله لا يحصى لكثرة وجوه المماثلة والمغضوب عليهم اليهود والضالون النصارى قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد وروى ذلك عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بين من كتاب الله لأن ذكر غضب الله على اليهود متكرر فيه كقوله وباءوا بغضب من الله قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله الآية وغضب الله تعالى عبارة عن إظهاره عليهم محنا وعقوبات وذلة ونحو ذلك مما يدل على أنه قد أبعدهم عن رحمته بعدا مؤكدا مبالغا فيه والنصارى كان محققوهم على شرعة بل ورود شرع محمد صلى الله عليه سلم فلما ورد ضلوا وأما غير متحققيهم فضلالتهم متقررة منذ تفرقت أقوالهم في عيسى عليه السلام وقد قال الله تعالى فيهم ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل وأجمع الناس على أن عدد آي سورة الحمد سبع آيات العالمين آية الرحيم آية الدين آية نستعين آية المستقيم آية أنعمت عليهم آية ولا الضالين آية وقد ذكرنا عند تفسر بسم الله الرحمن الرحيم أن ما ورد من خلاف في ذلك ضعيف
القول في آمين
روى أبو هريرة وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين فإن الملائكة في السماء تقول آمين فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ت وخرج مسلم وأبو داود والنسائي من طريق أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله
Bogga 26