... نقل ابن الهمام أن مذهب أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - استقبال القبر الشريف، قال: وما نقل عنه - يعني: قول الكرماني - من استقبال القبلة مردود بما رواه في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا أنه قال: من السنة استقبال القبر المكرم، وجعل الظهر إلى القبلة، ويقف على نحو أربعة أذرع من جدار القبر الشريف، وذلك أقل مراتب البعد، وأما الإطالة وخلافها فهي بحسب الحضور، فمن فقده فالانصراف أولى به ويسلم على الصديق الأكبر، والفاروق الأطهر، وإفراد كل بالسلام أولى. وعن مالك - رحمه الله تعالى -: السلام عليكما يا صاحبي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهكذا في بعض مناسك الحنفية. وهل يشير بإصبعه إذا أراد الزيارة إلى الصاحبين، كما هو صنيع أهل البادية؟ قال في ((مناسك السروج)): نعم، يشير إليهما بيديه إذا أراد أن يسلم عليهما، ولا أدري ما معنى التخصيص؛ لأنهم يسلمون على النبي كذلك.
... مسألة:
... كره مالك - رحمه الله تعالى - وغيره من الأئمة دون الثلاثة كلما دخل الرجل المسجد، وخرج الوقوف بالقبر الشريف. قال: وإنما ذلك للغرباء وذلك لأنه قد يفضي إلى الملل، وقلة الأدب، والحكم يدور مع العلة، وعنه عليه وآله الصلاة والسلام: ((اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد)).
... مسألة:
... قال في ((الجوهر المنظم)): مذهب أهل البيت تقبيل القبر، ومسه. وقال أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - لا بأس به، وعليه المحب الطبري وابن أبي الصيف وغيرهم من الأجلاء كالسبكي وأضرابه. وقال الغزالي في ((الإحياء)): مس المشاهدة، وتقبيلها عادة اليهود والنصارى، ولما رجع بلال - رضي الله تعالى عنه - من الشام جعل يبكي، ويمرغ وجه على القبر. وعن الزهراء البتول - رضي الله تعالى عنها - لما قبر عليه الصلاة والسلام، أخذت قبضة من تراب قبره عليه الصلاة والسلام، وجعلته في عينيها، وبكت، وأنشدت:
Bogga 36