233

Jawahir Thamina

الجواهر الثمينة في محاسن المدينة

Noocyada

ولقد استوفيت طرقا من ذلك في كتابي الزواجر عن اقتراف الكبائر ، ومهما يكن للمرء في القول فسحه فنسبته للذنب من أعظم الذنب ، وما أوقع ما قال القاضي الفاضل :

أعجب ما في العيون عندي

اظهار ما تضمر القلوب

ومن مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تعالى قال : كان له جار مسرف على نفسه ، مدمن للخمر وكان كثيرا ما يسمعه ينشد قول الشاعر :

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

ليوم كريهه وسداد ثغر

فاتفق أن الحرس صادفوه ليلا في بعض الطرق فأخذوه وذهبوا به إلى السجن فلما كان الصباح بلغته القصة ، فركب إلى الأمير ولم يكن يركب إليه من قبل ثم أنه تشفع فيه ، فأطلقه الأمير له ، فلما أقبل عليه قال له : كيف رأيت هل أضعناك فكان سببا لهدايته ، ومن أحسن ما يحكى أن رجلان كانا مع بعض الصالحين فمرا على جماعة يشربون ويغنون فقال الرجل يا سيدي ادع على هؤلاء المجاهرين بالمنكر فقال الشيخ نعم ؛ ثم استقبل القبلة وقال اللهم كما فرحتهم في الدنيا فرحهم في الآخرة ، فبهت الرجل ، فلم يمض مدة حتى اهتدى كل منهم وحسن حاله وكان إلى طريق الخير مآلة ، وعار على راعي الحمى وهو في الحي (1) إذا ضاع في البيداء عقال بعير وليكن ذلك آخر ما جرى به القلم من ذكر بعض محاسن المدينة المنورة ونشر لطائف هاتيك الأماكن الأمينة (2) المعمرة وهي وإن كثر لقليل في جانب شرفها الشامخ ، ويسير مما كرمها الله تعالى (من جزيل فضله الراسخ ، ولو تتبعنا ما شرفها الله تعالى به) (3) من جليل المناقب ، ومنحها من جميل المواهب ، لكلت دونه الأقلام وجفت المحابر ولما وسعت بعضه الدفاتر والحمد لله الذي شرف طابه وشوق القلوب لسماع أخبارها المستطابة ، فهي الأرض التي هي في الحقيقة السماء ، وهي الروض التي من دونها المقام الاسما ، أرض مشى جبريل في عرصاتها ، والله شرف أرضها وسماها أرض سمت بمحمد وبآله ، والله رب العرش قد أسماها ، اللهم اغننا في التمسك بأهداب الآداب عن خيط باطل يعتمد حبلها (4) الوهى ، وول أوجه قلوبنا شطرك ينطبع في مرآتها صور الأشياء كما هي ،

Bogga 246