214

وأصلها بمعنى الغطاء، وإنما قصرت الغشاوة على الأبصار، وألحقت الأسماع بالقلوب في الختم ليتفق ما في هذه الآية مع ما في قوله تعالى:

وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة

[الجاثية: 23]، ولأن الغشاوة أنسب بالأبصار، والختم بالقلوب والأسماع، لأن الختم من شأنه أن يكون على المستور المكنون، وهكذا موضع حس السمع، وموضع إدراك العقل، أما حاسة البصر فهي منكشفة ظاهرة، فلذلك كانت الغشاوة هي المناسبة لها.

هذا، وما أصاب هؤلاء من الختم على قلوبهم، وعلى أسماعهم، وغشاوة أبصارهم، ليس إلا نتيجة إصرارهم على الكفر، وإخلادهم إلى الضلال، كما يدل عليه قوله سبحانه:

فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبيآء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا

[النساء: 155]، وقوله:

ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم

[المنافقون: 3].

وهذا لأن الاسترسال في العصيان، والاستسلام لمطالب الشيطان، يؤديان إلى الهبوط في دركات المعاصي، وحضيض الضلال، حتى يحرم صاحب ذلك من عناية الله التي تفك عنه أغلال الغواية، وتخلصه من حبائل الهوى.

ومهما يكن المراد بالختم في الآية، فإن إسناده إلى الله حقيقي، لأن القلوب كسائر مخلوقاته واقعة في قبضته، يصرفها كما يشاء، وما الهداية إلا محض فضل منه، كما أن الخذلان ليس هو إلا عدلا منه سبحانه

Bog aan la aqoon