140

Jawaahir Tafsiir

جواهر التفسير

Noocyada

[البقرة: 6]، وقال عنهم:

لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون..

[يس: 7 - 10]، فلا يصح اعتبار القرآن هدى لهم لأنهم لا ينتفعون بهدايته، وإنما المنتفع فريق كان على الضلال فلما تجلت له حقائق التنزيل ونارت لعقله دلائله، بارح الضلالة إلى الهدى، وفارق الجاهلية إلى الإسلام، ولو أريدت الترجمة الدقيقة المعبرة عن جميع هذه الأحوال، لقيل هدى للذين تحولوا عن الفجور إلى التقوى، وخرجوا من الكفر إلى الإيمان، ولكن بجانب ما في هذه العبارة من الطول فإن عبارة القرآن سادة مسدها ومغنية عنها مع تميزها برقة الأسلوب.

والمراد بالمتقين الذين نعتوا من بعد بما في الآيات اللاحقة، وهم الذين وفقوا للتخلص من علائق الكفر، والتطهر من أدران الجاهلية، سواء كانوا من قبل من الوثنيين أو من أهل الكتاب، وهو الذي يستفاد من كلام جمهور المفسرين، وللأستاذ الامام الشيخ محمد عبده رأي آخر فيهم لخصه السيد رشيد رضا فيما يلي:

كان من الجاهليين من مقت عبادة الأصنام وأدرك أن فاطر السماوات والأرض لا يرضيه الخضوع لها، وأن الإله الحق يحب الخير ويبغض الشر، فكان منهم من اعتزل الناس لذلك، وكانوا لا يعرفون من عبادة الله إلا الالتجاء والابتهال وتعظيم جانب الربوبية - وذلك ما كان يسمى صلاة في لسانهم - وبعض الخيرات التي يهتدي إليها العقل في معاملة الخلق، وكان من أهل الكتاب من وصفهم الله تعالى بمثل قوله:

..من أهل الكتاب أمة قآئمة يتلون آيات الله آنآء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين

[آل عمران: 113 - 114]، وبقوله:

ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا مآ أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنآ آمنا فاكتبنا مع الشاهدين

[المائدة: 82 - 83]

فأمثال هؤلاء من الفريقين هم المراد بالمتقين، ولا حاجة إلى تخصيص ما جاء في وصفهم بالمؤمنين منهم بعد الإسلام، أو بالمسلمين، بل أولئك هم الذين كان في قلوبهم اشمئزاز مما عليه أقوامهم، وفي نفوسهم شيء من التشوق إلى هداية يهتدون بها، ويشعرون باستعداد لها، إذا جاءهم شيء من عند الله تعالى، فالمتقون في هذه الآية إذا هم الذين سلمت فطرتهم فأصابت عقولهم ضربا من الرشاد، ووجد في أنفسهم شيء من الاستعداد لتلقي نور الحق يحملهم على توقي سخط الله تعالى والسعي في مرضاته بحسب ما وصل إليه علمهم، وأداهم إليه نظرهم واجتهادهم.

Bog aan la aqoon