يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين
[الأنفال: 45 - 46]. وما ذكره يؤكد شمول مفهوم التقوى لجميع أعمال الخير سواء كانت فائدتها عاجلة أم آجلة.
والانسان مطالب باستصحاب التقوى من بداية طريق حياته إلى نهايتها، لأنها محفوفة بالمخاطر، مفروشة بالأشواك، فإن كل خطوة يخطوها الإنسان مهددة بكمين، إما من غرائزه وشهواته، وإما من عواطفه ونزعاته، وإما من مطامعه ومطامحه، وإما من خوفه ورجائه، وهي طبائع موجودة في كل أحد وكل منها صالح لاستخدامه في الخير والشر، فلذا كان كل واحد منها سلاحا ذا حدين، وكان الإنسان على أي حال مطالبا بضبطها وتوجيهها إلى الخير والصلاح والبناء، والتقوى هي العامل الوحيد لضبطها وعدم إرسال العنان لها، والباعث على استخدامها فيما يعود بالمصلحة على صاحبها وعلى مجتمعه وأمته، وناهيك أن التقوى تستلزم تجريد النفس من كل خوف ورجاء إلا خوف خالقها ورجاءه، وبهذا يتضح لك أن الحركات النفسية داخلة في مدلول التقوى، وهو الذي يقتضيه قوله تعالى:
ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب
[الحج: 32]، وقوله:
أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى
[الحجرات: 3]. وقد صرح بذلك صلى الله عليه وسلم في قوله:
" التقوى ها هنا "
وأشار إلى قلبه.
وتدخل في ضمن التقوى أقوال الخير كما تدخل أعماله، بدليل قوله تعالى:
Bog aan la aqoon