128

Jawaahir Tafsiir

جواهر التفسير

Noocyada

[البقرة: 185]، وقوله:

وما هو إلا ذكر للعالمين

[القلم: 52]، ذلك لأن المؤمنين - وهم المتقون والمحسنون - هم المنتفعون بهداية القرآن، إذ لم يلبثوا عندما أشرق لهم نوره فأبصروا الحق أن اتبعوه، أما غيرهم فقد أخلدوا إلى الباطل وتصامموا عن حجج القرآن وتعاموا عن حقائقه، ذلك لأنهم استحكم في نفوسهم التقليد الأعمى، فكان حاجزا حديديا بينهم وبين الانتفاع بهداه، وإن كان منشورا لجميع الناس ليس بينه وبينهم حائل إلا هذا العتو والاستكبار، وذلك معنى قول الحق تعالى:

وننزل من القرآن ما هو شفآء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا

[الاسراء: 82]، فهو شفاء لنفوس أهل الإيمان من أمراض الجهل والمعصية ورحمة لهم، لأنهم اتبعوه في الدنيا فاقتادهم إلى مواطن السلامة وبحبوحة السعادة، أما غيرهم من الذين أصروا واستكبروا استكبارا، فإنهم لم يزدادوا به إلا خسارا، لأنهم بتكذيبهم إياه، وإعراضهم عنه - بعد انبلاج حجته - ازدادوا كفرا إلى كفرهم، وضلالا مع ضلالهم، وذلك المراد من قوله تعالى:

قل هو للذين آمنوا هدى وشفآء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى

[فصلت: 44]. فالهدى هنا هو هدى التوفيق، بخلافه في نحو قوله تعالى: { هدى للناس } فهو محمول على هدى البيان.

معنى التقوى ومجالاتها:

و { المتقون } جمع متق، وهو دال على الاجتناب، لأنه مأخوذ من وقاه يقيه فاتقاه؛ بمعنى: جنبه يجنبه فاجتنبه

واستخدم مجازا في اجتناب ما يسخط الله، وقد تكرر كثيرا في القرآن نحو: { وإياي فاتقون } ، { واتقوا الله } ، { واتقون يأولي الألباب }. فإنه ليس من المعقول أن يراد باتقاء الله اجتناب ذاته تعالى لاستحالة ذلك، وإنما يراد به اتقاء عذابه الذي يوجبه التهاون بأوامره وارتكاب نواهيه.

Bog aan la aqoon