123

Jawaahir Tafsiir

جواهر التفسير

Noocyada

هم القوم كل القوم يا أم خالد

وما أجدر هذا الكتاب - الذي جمع ما تفرق من الهدايات، وتجددت في كل عصر آياته، وتجلت في كل طور مزاياه، وبقي دون غيره محفوظا من أيدي العابثين، وكيد المغرضين - أن يعد وحده الحقيق باسم الكتاب، لا سيما وأن الرجوع إلى غيره من الكتب لا يصح بعد إنزاله، فقد اختفت مشاعلها جميعا ببزوغ شمسه، وانطوت آياتها بانتشار آيته، مع ما أصيبت به من تحريف الأيدي العابثة، وإدخال أصحاب الأهواء والأغراض ما أرادوا فيها.

وعلى الثاني؛ فالتعريف للعهد ويراد به الكتاب المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، المرموز إليه بفاتحة هذه السورة، ولا يضير كونه لم يكتمل إنزاله عند ما نزلت الآية لأن للبعض حكم الكل، وما نزل قبلها جانب عظيم منه، فإن أغلبه كان نزوله بمكة، ومع ذلك يمكن أن تكون في هذا التعبير إشارة لطيفة إلى أن الله تعالى سينجز وعده لرسول الله صلى الله عليه وسلم بإنزال جميع الكتاب عليه.

والكتاب بمعنى المكتوب، وهذا الوزن شائع فيما هو بمعنى المفعول، كلباس بمعنى الملبوس، وإله بمعنى المألوه، وعماد بمعنى المعمود به، وحروفه دالة على الجمع والضم، ومنه الكتيبة فإنها تجمع شتات المقاتلين، والكتاب يجمع حروفا وكلمات، والقرآن الكريم جامع لسور، وسوره جامعة لآيات وجمل ومفردات وحروف، فمن ثم صدق عليه معنى الكتاب، وفي هذه التسمية إيماء إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابته، وهو موح بوجوب تدوينه لحفظه من الذهاب، وصونه عن النسيان، ولأجل هذا قال العلماء: إن كتابة القرآن فرض كفاية على المسلمين.

و(الريب): الشك. روي ذلك عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أخرجه عنه ابن جرير والحاكم وصححه، وأخرج مثله ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وروى أحمد في الزهد وابن أبي حاتم نحوه عن أبي الدرداء، ومثله عن قتادة عند عبد بن حميد وعن مجاهد وعطاء والسدي والربيع بن أنس عند ابن جرير، ويعضده إطلاق العرب الريب على الشك كقول عبدالله بن الزبعرى:

ليس في الحق يا أميمة ريب

إنما الريب ما يقول الجهول

ويطلقونه على التهمة كقول جميل:

بثينة قالت يا جميل أربتني

فقلت كلانا يا بثين مريب

Bog aan la aqoon