صلى الله عليه وسلم
قال للأنصار في حديث جريء: «إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع.» فما أدري أي الأمرين أبلغ أثرا في النفس: أخلاق الأنصار هذه، أم وصف النبي لها؟!
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: كلاهما رائق رائع يملأ النفس إعجابا وحبا، ولكن خلف بعد الأنصار خلف يكثرون عند الطمع، ويقلون عند الفزع، وانظر حولك فسترى ما يملأ النفوس من ذلك روعة وروعا.
عقوق
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: ألا تحدثني عن سنمار هذا الذي كثر الحديث عنه في هذه الأيام: من هو؟ وما شأنه؟ وفيم يكثر الناس عنه الحديث؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: «زعموا يا بني أنه رجل رومي بنى للنعمان بن المنذر قصرا أو قصرين لا أدري، فلما أتم عمله على أحسن وجه وأكمله؛ رضي النعمان عنه، ولكنه أشفق أن يبني لغيره من الملوك مثل ما بنى له، فأمر به فألقى من أعلى القصر فاندقت عنقه فمات. والناس يضربونه مثلا لمن يقدم إلى الناس خيرا وإحسانا فيجزونه بالشر والمساءة، ولكن في الدنيا أفرادا كثيرين يمكن أن يسمى كل واحد منهم سنمار، ولكنه يلقى من حالق فلا تندق عنقه، ويساق إليه الشر فلا يؤذيه، ويكاد له الكيد فلا يبلغ منه شيئا، تستطيع أن تسميه سنمار الخالد؛ لأنه لا يبني لأصحاب السطوة والبأس، وإنما يبني للشعوب؛ ولأنه لا يبني للشعوب دورا ولا قصورا ولا شيئا من هذه الآثار التي يبلغها البلى ويدركها الفناء، وإنما يبني لها فنا وأدبا وفلسفة وعلما وإصلاحا. ألا تذكر مصارع النابغين من الأدباء والعلماء والفلاسفة؟ ألا ترى أنك لا تزال تستمتع بآثارهم؟!»
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: وسيستمتع الناس بعدنا بآثارهم، حتى يرث الله الأرض ومن عليها!
فن
قال شهريار ذات يوم لزوجه شهرزاد: تعلمين أني لم أفهم بعد لماذا قطعت عني قصصك الجميل!
قال شهرزاد: لأمرين يسيرين؛ أحدهما أني أخذت في هذا القصص أحقن دمي، وأعصم نفسي من الموت، وأصرفك عن سفك الدماء، وقد بلغت من هذا كله ما أريد. الثاني أن الجهد الفني ممتع حقا إذا نشأ عن الرغبة والاختيار، بغيض حقا إذا نشأ عن الرهبة والإكراه، وقد أخذت نفسي بما تكره ما دعت إلى ذلك ضرورة، وقد آن لي أن آخذ بحظي من الحرية؛ فلا أقص إلا حين أريد أنا، لا حين تريد أنت، ولا حين تريد الظروف.
Bog aan la aqoon