معارضة
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: وإني أقرأ في كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة أن طارقا صاحب شرطة خالد القسري مر بابن شبرمة وطارق في موكبه، فقال ابن شبرمة:
أراها وإن كانت تحب كأنها
سحابة صيف عن قريب تقشع
اللهم لي ديني ولهم دنياهم. فاستعمل ابن شبرمة بعد ذلك على القضاء، فقال له ابنه: أتذكر يوم مر بك طارق في موكبه وقلت ما قلت؟ فقال: يا بني، إنهم يجدون مثل أبيك ولا يجد مثلهم أبوك، إن أباك أكل من حلوائهم وحط في أهوائهم. فهل تنبئني بمغزى هذا الحديث؟!
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: مغزاه يسير كل اليسر؛ فقد كان ابن شبرمة كغيره من أخيار الناس الذين لا تطيب أنفسهم عن متاع الدنيا، فعارض السلطان لأنه كان طامعا في بعض ما عنده، فلما ولي القضاء رضي على السلطان وسخط على نفسه؛ رضي على السلطان لأنه ولاه، وسخط على نفسه لأنه لم يستطع أن يصبر على الحرمان.
ورحم الله ابن شبرمة! فقد كان له من الشجاعة حظ حسن حين اعترف لابنه بأنه أكل من حلوائهم وحط في أهوائهم؛ لأنه إن لم يستجب لهم حين دعوه وجدوا غيره ممن يلي القضاء مكانه، أما هو فلن يجد غير السلطان قوة توليه القضاء.
فوازن يا بني بين شجاعة عمرو بن عبيد الذي أيأس نفسه من السلطان، فانتهى بمعارضته إلى غايتها، وشجاعة ابن شبرمة الذي أطمع نفسه فيما عند السلطان، فانتهى بشجاعته إلى أن تمثل بيتا من الشعر.
معارضة
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: ألم تر إلى فلان يطالب بالجلاء السريع - متى وضعت الحرب أوزارها - إلى أوروبا؟!
Bog aan la aqoon