بقى على ظاهر هذا الايمان المبطن بالكفر مدة مخالفته ومحاربته لاميرالمؤمنين في صفين ، فلما استشهد سلام الله عليه تنفس الصعداء وغمرته المسرة ، وامكنته الفرصة من اللعب على الحبل وتدبير الحيل ؛ ولكن بعد أن بويع الحسن عليه السلام والتف عليه الأبطال من اصحاب أبيه. وشيعته ومواليه ومنهم الرؤوس ، والضروس ، والأنياب ، والعديد ، والعدة ، والسلاح ، والكراع ، فوجد أنه وقع في هوة اضيق واعمق من الاولى ، فان الحسن عليه السلام سبط رسول الله ، وابن بنته ، وريحانته ، وهو لوداعته ؛ وسلامة ذاته محبوب للنفوس لم يؤذ احدا مدة عمره. بل كان كله خير وبركة ، ولم تعلق به تهمة الاشتراك بقتل عثمان ، بل قد يقال : انه كان من الذابين عنه فكيف يقال معاوية به وكيف يعدل الناس عن ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله الى ابن هند آكلة الاكباد. اقلق معاوية ، وأقض مضجعه التفكير بهذه النقاط المركزة التى لا مجال فيها للنقاش والجدال ، ولكن سرعان ما اهتدى بدهائه ومكره الى حل عقدتها وكشف كربتها ، فلجأ الى عاملين قويين أولهما المال الذي يلوى اعناق الرجال ، ويسيل في لعبه لعاب الابطال وبعث الى اعظم قائده من قادة جيش الحسن الذين بايعوه على الموت دونه وامسهم رحما به وهو عبيدالله بن العباس الذى جعله أميرا حتى على قيس ابن سعد بن عبادة ذلك الزعيم العظيم الفارس المغوار المتفاني اخلاصا في حب الحسن عليه السلام وأبيه عليه السلام . (1)
Bogga 87