ومحوه من الوجود كالنور والظلام لايجتمعان في محل واحد ابدا ، وكل منهما بطباعه يتنافى مع الآخر ويعاديه وكالفضيلة والرذيلة في الانسان ، وعلى هذا الطراز ، ومن هذا النوع عداوة بني هاشم وبني أمية ، عداوة جوهرية ذاتية يستحيل تحويلها ويمتنع زوالها ، عداوة الظلام للنور ، والشر للخير ، والخبيث للطيب ؛ ويعرف كل واحد منهما بثماره وآثاره. وقديما قيل : « من ثمارهم تعرفونهم » الشجرة لا تعرف الا من ثمرها أنها خبيثة أم طيبة ؛ والانسان لا يعرف خبثه وطيبه الا من أعماله وملكاته وخصاله.
أولد عبد مناف هاشما ، وعبد شمس ، ونشب العداء بينهما منذ نشأ وشبا لالشيء سوى اختلاف الجوهرين ، تباين الذاتين ، ثم استشرى الشر واتسعت عدوى العداء بين القبيلين بحكم الوراثة ، وكان لكل واحد من هذا القبيل ضد له من القبيل الاخر ، فعدوه بالنسب ؛ هاشم وعبد شمس ، وعبدالمطلب وأمية ، وأبوطالب وحرب ، ومحمد صلى الله عليه وآله وأبوسفيان ، ما اشرقت أول بارقة من أشعة الاسلام وما اعلن البشير النذير بدعوة التوحيد الا وثارت نعرة الشرك والوثنية لطمس أنوار الاحدية ، وقام بجمل معاول المعارضة والهدم لما يبنه ويتبناه منقذ البشرية من مخالب الوحشية ، قام بها ثالوث الجبت والطاغوت ، أبوجهل ، وأبولهب ، وأبوسفيان ، وكان الثالث زعيم الحزب الاموي أشدهم مناوئة للاسلام ومحاربة له ؛ نصبوا كل الحبائل ، وتوسلوا بجميع الوسائل لاخفات صوته ، واخماد صوته ؛ واعملوا كل بأس ، وسطوة في مقاومة تلك الدعوة ، حتى ألجأت جماعة ممن تدين بها فهاجروا الى الحبشة.
وتحمل النبي واصحابه من الاضطهاد والاذى أكثر من عشر سنين حتى اضطر الى الجلاء من وطنه ووطن آبائه ، ومركز عزه ، فهاجر الى يثرب فطارده أبوسفيان ، وتلاحقه الى دار هجرته ، وما رفعت رأية حرب على الاسلام الا
Bogga 82