يا بؤس للموت ليت الموت أبقاها «وكان كاتيولس يقول: إني لأكره وأحب، تسألني كيف ذلك؟ من يدري! ولكني أحس بحقيقة هذا الأمر وشدة برحائه.»
وكذلك كان يقول المجنون:
فيا رب إذ صيرت ليلى هي المنى
فزني بعينيها كما زنتها ليا
وإلا فبغضها إلي وأهلها
فإني بليلى قد لقيت الدواهيا «وليس في نعت الحب بالداهية شيء من الرقة والدماثة، ولكنها حقيقة اتفق عليها شاعران ليس بينهما جامعة من ذوق لغة، أو مشرب قوم، أو وحدة زمن، ولكنهما اجتمعا على عاطفة إنسانية صادقة، بل اتفق عليها كل شاعر عالج من العشق ما عالجه هذان الشاعران.»
وأحيانا يثوب العاشق إلى نفسه فيبدو له كأنه مختار في شغفه وسلوته، وكأن الأمر لا يعني غيره، فإن شاء سدر في الحب وإن شاء صدف، وإن شاء مضى مع قلبه وإن شاء وقف، فلا ينشب أن يستيقن عجزه وقلة حيلته، وأن الأمر فوق يده ووراء مشيئته، وهذا الذي يصفه جميل؛ إذ يقول:
ألا قاتل الله الهوى كيف قادني
كما قيد مغلول اليدين أسير «وهنا يخيل إليه أو إلى الناس أن قوة فوق قوة الإنسان تقهره على مشيئته، وأن رقية من رقى السحر أو طائفا من طوائف الجن يحول بينه وبين حريته، كما خيل إلى ذلك الشاعر الروماني حين قال: أيتها الساحرة ... لئن جملتك طلاسمك في عيني لتعلمن أن الوجد أطول أجلا من الإجلال، وإني لأهواك ولست بعد إلا محتقرا لك، وإن عد هذا ضربا من الخبال.»
وكما يقول المجنون:
Bog aan la aqoon