مقام تعيين الخليفة والإمام ووجوب طاعتهما على الأنام: ثم يجب أن يفرض السان طاعة من يخلفه، وأن لا يكون الاستخلاف إلا من جهته، أو بإجماع من أهل السابقة على من يصححون علانيته عند الجمهور: أنه مستقل بالسياسة، وأنه أصيل العقل، حاصل عنده الأخلاق الشريفة من الشجاعة والعفة وحسن التدبير، وأنه عارف بالشريعة، حتى لا يكون أعرف منه تصحيحا يظهر ويستعلن ويتفق عليه الجمهور، ويسن عليهم أنهم إذا افترقوا أو تنازعوا بالميل والهوى، أو أجمعوا على غير من وجدوا الفضل فيه والاستحقاق له فقد كفروا بالله.
والاستخلاف بالنص أصوب، فإن ذلك لا يؤدي إلى التشعب والتشاغب والاختلاف. ثم يجب أن يحكم في سنته أن من خرج فادعى خلافته بفضل قوة أو مال فعلى الكافة من أهل المدينة قتله وقتاله، فإن قدروا ولم يفعلوا فقد عصوا الله وكفروا به، ويحل دم من قعد عن ذلك وهو متمكن بعد أن يصحح على رأس الملأ ذلك منه. ويجب أن يسن أنه لا قربة عند الله بعد الإيمان بالنبي أعظم من إتلاف هذا المتغلب، فإن صحح الخارجي أن المتولي للخلافة غير أهل لها، وأنه ممنو بنقص، وأن ذلك النقص غير موجود في الخارجي، فالأولى أن يطابقه أهل المدينة. والمعول عليه الأعظم العقل وحسن الإيالة، فمن كان متوسطا في الباقي ومتقدما في هذين بعد أن لا يكون غريبا في البواقي وصائرا إلى أضدادها فهو أولى ممن يكون متقدما في البواقي ولا يكون بمنزلته في هذين، فيلزم أعلمهما أن يشارك أعقلهما ويعاضده، ويلزم أعقلهما أن يعتضد به ويرجع إليه، مثل ما فعل علي وعمر (1).
أقول - ولا حول ولا قوة إلا بالله -: لا شبهة في أن السياسة المدنية ورئاستها العامة، الجامعة لإصلاح أمر المعاش وانتظامه على وجه صالح يؤدي إلى الفلاح والصلاح، لا يتيسر ولا يتحقق إلا إذا كان السائس عالما بالأمور السياسية
Bogga 6