العلم والجسامة والشجاعة هو اصطفاء الله واختياره، لعلمه بقبول المحل، لا ما ذكروه من الثروة والمال والسعة في الحال، فلما أذنوا بذلك انقطعوا ورضوا برضا الله ورسوله فانحسمت مادة نزاعهم وتألفت قلوبهم.
وأنت وكل من هو قابل للخطاب خبير بأن عليا (عليه السلام) كان أزيد من عمر في العلم والجسم والشجاعة كما اعترف به حكيمهم ابن سينا، ولذلك كان يرجع إليه ويعتضد به، فدلت زائدة على دلالتها على أمور متعلقة بأمر السياسات والرئاسات إذا تأملها عاقل يعرفها على أصوبية الاستخلاف بالنص وأصلحيته، والأصلح واجب في حكمة الحكيم تعالى شأنه، إذ الحكيم لا يترك الأصوب بالصواب ولا الأصلح بالصلاح ولو سلم لهم ذلك الصلاح والصواب.
روي أن نبيهم لما دعا الله أن يملكهم أتى بعضا يقاس بها من يملك عليهم فلم يساوها إلا طالوت، ومثل ذلك في هذه الأمة درع نبيهم في أئمتهم عليه وعليهم من الصلوات أفضلها ومن التسليمات أكملها.
[تحقيق حول آية " لا ينال عهدي الظالمين "] (1) قال البيضاوي بعد قوله تعالى في قصة خليله (عليه السلام): * (لا ينال عهدي الظالمين) *: فيه تنبيه على أنه قد يكون من ذريته ظلمة، وأنهم لا ينالون الإمامة، لأنها أمانة من الله وعهده، والظالم لا يصلح لها وإنما يناله البررة الأتقياء منهم (2).
وقال الفاضل المحشي عصام الدين محمد (3) في حواشيه على هذا التفسير:
معناه: لا ينال عهدي الظالمين ما داموا ظالمين، فالظالم إذا تاب لم يبق ظالما.
وكيف لا يكون المراد ذلك وقد نالت الإمامة أبا بكر وعمر وعثمان، ومراده أن هذه قضية سالبة والمتبادر (4) من السالبة المطلقة - كما ذكره المنطقيون - هو العرفية
Bogga 15