قيل لعبد الله بن المبارك رحمه الله: إن الزنادقة دسوا في الحديث ما ليس منه، فقال: يعيش له الجهابذة النقاد.
كذلك يتحتم في المستأنف ضبط ذلك وحفظه وحمايته، إذ لا أمن أن يدغلوا فيه كما دغلوا أولا، إذ استمرار تلك بضبط قواها، والكتب أدنى درجاتها، والحفظ والوقوف على سائر أنواع علوم الحديث أعلاها وأقواها.
وإن قلت لبعض آحاد العلماء: كيف بنيتم أقوالكم على الآثار؟ لم يستجز أن يحير عنه جوابا فيقول: بنيت عليها بمجردها، إلا بعد قول أهل العلم بها، الذين من أهل التمييز فيها بين قويها وواهيها.
وإن أبا الوليد قال: لو كان لي سلطان لعاقبت من يكتب الحديث ولا يتفقه، ومن يتفقه ولا يكتب الحديث؛ لأنهما أصلان لا ينفك أحدهما عن الآخر.
وقال الشافعي رضي الله عنه: إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث؛ فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فعلمت أن الأمر دائر بين الكتاب والسنة الصحيحة، قال الله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((تركتكم على البيضاء؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)).
Bogga 6