فمن حيث أن ذلك معتقد ومقطوع عذر من خالفه أو مجازى عليه دين من حيث أنه مستسلم إليه ويذعن إليه إسلام ومن حيث التصديق يسمى إيمان، وقد يطلق كل منهما على التوحيد، وقد يطلق الإسلام على العمل الصالح.
وعن بعض قومنا أن الدين وضع إلهي سايق لذوي العقول باختياره هو المحمود إلى ما هو خير لهم بالذات، وكذا قال السيد في حواشي العضد واحترز بابا اللاهي عن الوضع البشري كالرسوم والسياسة والتدبيرات المعاشية.
وبأولى الألباب عن الوضع الطيع الذي يهتدي به الحيوان لمنافعها أو مضارها وباختيارهم المحمود عن المعاني الاتفاقية والضرورية، وإلى ما هو خير لهم بالذات من نحو صناعة الفلاحة فإنها بالوضع الإلهي الذي هو تأثير الماء وحرارة الشمس وتأثير الهواء والأرض يخلق الله ذلك.
وساقت أولي الألباب إلى صف من هو يخير بالاختيار المحمود ليست تسوق لإلى ما هو خير بالذات، وهو ما يكون خيرا بالقياس إلى كل شيء، وهو السعادة الأبدية وتساويه ما صدق الشريعة لأنها من حيث دان بها أي يخضع لها تسمى دينا.
ومن حيث أنها يجتمع عليها وتمل أحكامها أي تملى تسمى ملة، ومن حيث أنها تتصد لإنقاذ النفوس من مهلكاتها تسمى شريعة ولا تضاف الملة إلى الله ولا لأحد من الأمة، والملة: " كل شريعة وطريقة شرعها قوم لأنفسهم واتخذوها دينا سواء وضعها الله أو الشيطان والكفرة ".
وشارع ملة الإسلام هو الله، ويجوز إسناد شرعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أتى بها عن الله جل وعلا، وإلى المسلمين من حيث أنهم اعتقدوها مجازا بقرينة، وقد قال عبد الله محمد بن بكر الملة الدين المجتمع عليه في حلال يحلونه وفي حرام يحرمونه وفي نسك يقضونه.
Bogga 28