Jamic Rasail
جامع الرسائل
Baare
د. محمد رشاد سالم
Daabacaha
دار العطاء
Lambarka Daabacaadda
الأولى ١٤٢٢هـ
Sanadka Daabacaadda
٢٠٠١م
Goobta Daabacaadda
الرياض
وَالله تَعَالَى لَا يَأْمر بِمَا هُوَ مَكْرُوه أَو ترك الْأَفْضَل وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا بِفعل الْحسن لَا بترك الْأَحْسَن
وَبِهَذَا يعرف قَول من قَالَ حَسَنَات الْأَبْرَار سيئات المقربين مَعَ أَن هَذَا اللَّفْظ لَيْسَ مَحْفُوظًا عَمَّن قَوْله حجَّة لَا عَن النَّبِي ﷺ وَلَا عَن أحد من سلف الْأمة وأئمتها وَإِنَّمَا هُوَ كَلَام وَله معنى صَحِيح وَقد يحمل على معنى فَاسد
الْمَعْنى الصَّحِيح لعبارة: حَسَنَات الْأَبْرَار سيئات المقربين
أما مَعْنَاهُ الصَّحِيح فَوَجْهَانِ
أَحدهمَا أَن الْأَبْرَار يقتصرون على أَدَاء الْوَاجِبَات وَترك الْمُحرمَات وَهَذَا الإقتصار سَيِّئَة فِي طَرِيق المقربين وَمعنى كَونه سَيِّئَة أَن يخرج صَاحبه عَن مقَام المقربين فَيحرم درجاتهم وَذَلِكَ مِمَّا يسوء من يُرِيد أَن يكون من المقربين فَكل من أحب شَيْئا وَطَلَبه إِذا فَاتَهُ محبوبه ومطلوبه سَاءَهُ ذَلِك فالمقربون يتوبون من الإقتصار على الْوَاجِبَات لَا يتوبون من نفس الْحَسَنَات الَّتِي يعْمل مثلهَا الْأَبْرَار بل يتوبون من الإقتصار عَلَيْهَا وَفرق بَين التَّوْبَة من فعل الْحسن وَبَين التَّوْبَة من ترك الْأَحْسَن والإقتصار على الْحسن
الثَّانِي أَن العَبْد قد يُؤمر بِفعل يكون حسنا مِنْهُ إِمَّا وَاجِبا وَإِمَّا مُسْتَحبا لِأَن ذَلِك مبلغ علمه وَقدرته وَمن يكون أعلم مِنْهُ وأقدر لَا يُؤمر بذلك بل يُؤمر بِمَا هُوَ أَعلَى مِنْهُ فَلَو فعل هَذَا مَا فعله الأول كَانَ ذَلِك سَيِّئَة
مِثَال ذَلِك أَن الْعَاميّ يُؤمر بِمَسْأَلَة الْعلمَاء المأمونين على الْإِسْلَام وَالرُّجُوع إِلَيْهِم بِحَسب قُوَّة إِدْرَاكه وَإِن كَانَ فِي ذَلِك تَقْلِيد لَهُم إِذا لَا يُؤمر العَبْد إِلَّا بِمَا يقدر عَلَيْهِ وَأما الْعلمَاء القادرون على معرفَة الْكتاب وَالسّنة والإستدلال
1 / 251