ولا يرد عليه أنه يرى وجوب الغسل للجنابة لنفسه، فتعليق وجوبه بالصوم ينافي مذهبه، لأن وجوبه لنفسه لا ينافي وجوبه لأمر آخر، لكونه شرطا فيه، لأن علل الشرع معرفات للأحكام، فلا محذور في تعددها.
ولا يخفى أن تضيق وجوب الغسل وضده دائر مع تضيق الغاية وعدمه، لا مع وجوبه لنفسه، فيظهر به اختلاف منشأ الوجوب.
وأما صوم المستحاضة مع غمس الدم القطنة سواء سال مع ذلك أم لا فاشتراطه بالغسل إجماعي، وإن اختلف الأصحاب في كمية الغسل بالنسبة إلى الحالتين.
وينبغي التنبه لشئ وهو: أن الغمس لو صادف الليل هل يجب تقديم الغسل على الفجر، بحيث يقارن طلوعه علما أو ظنا، أم يجوز تأخيره إلى وقت صلاته؟ فيه وجهان، يلتفتان إلى أن الغسل شرط للصوم، والشرط مقدم، وأن شرطيته للصوم في الاستحاضة دائرة مع شرطيته للصلاة وجودا وعدما، وكذا سعته وضيقه، ومن ثم يبطل الصوم بالإخلال بالغسل الواجب بها نهارا، بخلاف الجنابة الطارئة بعد الفجر.
ولو تجدد الغمس بعد صلاة الفجر فلا غسل، لعدم وجوبه للصلاة، إلا أن تسيل، فيجب لوجوبه للظهرين حينئذ.
فإن اعتبرنا في قلة الدم وكثرته الموجبة للغسل متعددا تارة ومتحدا أخرى أوقات الصلاة، كما يلوح من الأخبار (1)، فلا بد من بقاء الكثرة إلى وقت الظهرين، وبدونها ينتفي الوجوب، لعدم الخطاب بالطهارة قبل الوقت.
وإن لم نعتبر في ذلك وقت الصلاة، روعي في وجوب الغسل وقت الصلاة لها، وللصوم وجود الغمس وقتا ما، نظرا إلى أن الدم حدث، والحدث مانع سواء طرأ في الوقت أم قبله.
وفي الأول قوة، لأن حدث الاستحاضة إنما يعتبر فيه ما سبق إذا انقطع للبرء،
Bogga 73