وما اعتبره في الذكرى، من اشتراط تخلل الفصل بين المثلين، ليتحقق تعدد الغسل (1) حق، لا لأن التعدد لا يتحقق إلا بذلك، بل لأن التعدد المطلوب بالمثلين لا يوجد بدون ذلك، لأن ورود المثلين دفعة واحدة غسلة واحدة، ولو غسل بأكثر من المثلين بحيث تراخى أجزاء الغسل بعضها عن بعض في الزمان، لم يشترط الفصل قطعا.
إلا أن هنا سؤالا، وهو أن الغسل إنما يتحقق إذا ورد الماء على محل النجاسة شاملا له، مع الغلبة والجريان، وذلك منتف مع كل واحد من المثلين، فإن المماثل للبلل الذي على الحشفة كيف يكون غالبا عليه؟
والذي سنح لي في الاعتذار عن هذا هو: أن الحشفة تتخلف عليها بعد خروج البول قطرة، فلعل المماثلة بين هذه وبين الماء المغسول به، ولا ريب أن القطرة يمكن إجراؤها على المخرج، وأغلبيتها - على البلل الذي يكون على حواشي المخرج - طاهر.
واعلم: أنه يجب على الأغلف في الاستنجاء من البول كشف البشرة، وتطهير محل النجاسة لأن ما تحتها من الظواهر، ولو ارتتقت أمكن القول بوجوب التوصل إليه بحسب الممكن، وقد صرح المصنف في المنتهى (2) وشيخنا في الذكرى (3)، بإلحاقه بالبواطن، فيغسل ما ظهر، وللنظر فيه مجال.
وكذا يجب على الثيب أن تغسل ما يبدو من الفرج عند الجلوس على القدمين، ولو علمت وصول البول إلى مخرج الولد والحيض غسلت ما ظهر منه وجوبا.
قوله: (حتى تزول العين والأثر).
المراد بالعين معلوم، وأما الأثر: فهو في الأصل رسم الشئ وبقاياه، والمراد به هنا، هو ما يتخلف على المحل عند مسح النجاسة وتنشيفها، وليس المراد به الرطوبة التي تتخلف بعد قلع جرم النجاسة لأن ذلك من العين، وإنما وجب إزالة الأثر لأن الغسل يأتي عليه، بخلاف الاستجمار.
Bogga 94