أبا عبد الله عليه السلام يقول: (الوضوء بعد الغسل بدعة) (1) ومرسلة [محمد بن] أحمد ابن يحيى: (الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة) (2).
والمراد: غسل الجنابة، لرواية محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن أهل الكوفة يروون عن علي عليه السلام أنه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة، قال: (كذبوا على علي عليه السلام) (3) الحديث، ولا شك أن إطلاق الروايتين الأوليين يقتضي كون الوضوء بدعة، سواء كان واجبا أو مندوبا.
ونزلهما الشيخ في التهذيب (4) على الوضوء واجبا، وأفتى باستحباب الوضوء مع الغسل، محتجا برواية أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر عليه السلام، وقد سأله:
كيف أصنع إذا أجنبت؟ فقال: (إغسل كفك وفرجك، وتوضأ) (5) الحديث.
وجوابه: أن تنزيل هذه على التقية، وإجراء الروايتين على ظاهرهما أولى، لأن ظاهرهما وجوب الوضوء، وهو موافق لمذهب العامة (6).
والذي عليه الأصحاب نفي استحباب الوضوء، قال المصنف في المنتهى (7): لا يستحب الوضوء عندنا فيه، خلافا للشيخ في التهذيب (8) وعبارة الكتاب تنفيه أيضا، حيث نفى الوضوء مع غسل الجنابة، ونفى فرضه مع غسل الأموات، فظهر من تقييده في الثاني إرادة الإطلاق في الأول.
وأما غسل الأموات فإنما يكفي عن فرض الوضوء، أي لا يجامعه الوضوء واجبا، كما هو مذهب أكثر الأصحاب (9)، وهو الأصح لقول الصادق عليه السلام في
Bogga 91