عليه، لما عرفت من أنها في غير الصبح من أسباب الوضوء خاصة، وليس له أن يقول:
أراد أنها من أسباب الغسل في الجملة، لأن الظاهر أن المراد في جميع الأسباب، أنها أسباب متى حصلت.
واعلم أن قوله: (ويجب الغسل بالجنابة والحيض) يحتاج إلى فضل تكلف، لأن الحيض هو الدم، والمراد بإيجاب الغسل به إيجابه بخروجه، إذ لا معنى للإيجاب به نفسه، لما عرفت من أن السبب هو الوصف.
والجنابة: هي الحالة التي تحصل بالإنزال أو بالجماع، فهي غنية عن تقدير شئ، ولو قدرت معها الخروج الذي لا بد من تقديره مع الحيض فسد المعنى، فحينئذ يجب أن تكون العبارة هكذا، يجب الغسل بالجنابة، وبخروج الحيض، وأخويه، إلى آخره.
قوله: (ومس الميت من الناس بعد برده قبل الغسل، أو ذات عظم منه وإن أبينت من حي).
قيد الميت بكونه من الناس، لأن ميتة غير الآدمي لا يجب بمسها غسل، وقيد المس بكونه بعد برد الميت بالموت، إذ لو مسه حارا لم يجب الغسل، لأن الحرارة من توابع الحياة وللنص (1).
وقيده أيضا بكونه قبل الغسل، كما دلت الأخبار عليه، في نحو خبر عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام: (إذا مسه وقبله وقد برد، فعليه الغسل، ولا بأس أن يمسه بعد الغسل ويقبله) (2).
والمراد بالغسل: الغسل المعهود، وهو المعتبر في حال الاختيار، لأنه المتبادر إلى الفهم، ولأنه المطلوب شرعا، وسقوط الطلب عن بعضه لتعذره لا يقتضي عدم اعتباره في مسمى الغسل، ومن ثم لو غسل للضرورة بغير خليط، أو يمم عن بعض الغسلات، وأمكن الغسل المعتبر
Bogga 85