50

Jamic Li Ahkam Quran

الجامع لاحكام القرآن

Baare

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Daabacaha

دار الكتب المصرية

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة

اسعد وَأَكْثَرُ حَظًّا فِيهَا مِنْ بَعْضٍ، وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لَهُمْ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُبُوا الْمَصَاحِفَ: مَا اختلفتم وَزَيْدٌ فَاكْتُبُوهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَةِ الْكَعْبَيْنِ، كَعْبِ قُرَيْشٍ وَكَعْبِ خُزَاعَةَ. قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّ الدَّارَ وَاحِدَةٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَ: يَعْنِي أَنَّ خُزَاعَةَ جِيرَانُ قُرَيْشٍ فَأَخَذُوا بِلُغَتِهِمْ. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ الطَّيِّبِ ﵁: مَعْنَى قَوْلِ عُثْمَانَ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، يُرِيدُ مُعْظَمَهُ وَأَكْثَرَهُ، وَلَمْ تَقُمْ دَلَالَةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ بِأَسْرِهِ مُنَزَّلٌ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ فَقَطْ، إِذْ فِيهِ كَلِمَاتٌ وَحُرُوفٌ هِيَ خِلَافُ لُغَةِ قُرَيْشٍ، وَقَدْ قَالَ الله تعالى:" إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا" «١» ولم يقل قرشيا، هذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُنَزَّلٌ بِجَمِيعِ لِسَانِ الْعَرَبِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَّهُ أَرَادَ قُرَيْشًا مِنَ الْعَرَبِ دُونَ غَيْرِهَا، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَرَادَ لُغَةَ عَدْنَانَ دُونَ قَحْطَانَ، أَوْ رَبِيعَةَ دُونَ مُضَرَ، لِأَنَّ اسْمَ الْعَرَبِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ هَذِهِ الْقَبَائِلِ تَنَاوُلًا وَاحِدًا. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ مَعْنَاهُ عِنْدِي فِي الْأَغْلَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لِأَنَّ غَيْرَ لُغَةِ قُرَيْشٍ مَوْجُودَةٌ فِي صَحِيحِ الْقِرَاءَاتِ مِنْ تَحْقِيقِ الْهَمَزَاتِ وَنَحْوِهَا، وَقُرَيْشٌ لَا تَهْمِزُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ" أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ" أَيْ فِيهِ عِبَارَةُ سَبْعِ قَبَائِلَ بِلُغَةِ جُمْلَتِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَيُعَبِّرُ عَنِ الْمَعْنَى فِيهِ مَرَّةً بِعِبَارَةِ قُرَيْشٍ، وَمَرَّةً بِعِبَارَةِ هُذَيْلٍ، وَمَرَّةً بِغَيْرِ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَفْصَحِ وَالْأَوْجَزِ فِي اللَّفْظِ، أَلَّا تَرَى ان" فطر" معناه عند غير قريش: ابتدأ (خلق الشيء وعمله) «٢» فَجَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ فَلَمْ تَتَّجِهْ لِابْنِ عَبَّاسٍ، حَتَّى اخْتَصَمَ إِلَيْهِ أَعْرَابِيَّانِ فِي بِئْرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فَطَرْتُهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَفَهِمْتُ حِينَئِذٍ مَوْضِعَ قَوْلِهِ تَعَالَى" فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ". وقال ايضا: ما كنت ادري معنى حينئذ موضع قوله تعالى" رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ «٣» حَتَّى سَمِعْتُ بِنْتَ ذِي يَزِنَ تَقُولُ لِزَوْجِهَا:" تَعَالَ أُفَاتِحْكَ، أَيْ أُحَاكِمْكَ. وَكَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَكَانَ لَا يَفْهَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى" أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ" «٤» أَيْ عَلَى تَنَقُّصٍ لَهُمْ. وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ لِقُطْبَةَ بن مالك إذ

(١). آية ٣ سورة الزخرف. (٢). زيادة عن ابن عطية. (٣). آية ٨٩ سورة الأعراف. (٤). آية ٤٧ سورة النحل.

1 / 44