200

Jamic Li Ahkam Quran

الجامع لاحكام القرآن

Tifaftire

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Daabacaha

دار الكتب المصرية

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة

عَلَيْهِ، مُعَادٍ لَهُ، لَا لِأَجْلِ إِيمَانِهِ، وَلَكِنْ لِكُفْرِهِ وَضَلَالِهِ الَّذِي يُوَافِي بِهِ. وَالْكَافِرُ ضَرْبَانِ: كَافِرٌ يُعَاقَبُ لَا مَحَالَةَ، وَكَافِرٌ لَا يُعَاقَبُ. فَالَّذِي يُعَاقَبُ هُوَ الَّذِي يُوَافِي بِالْكُفْرِ، فَاللَّهُ سَاخِطٌ عَلَيْهِ مُعَادٍ لَهُ. وَالَّذِي لَا يُعَاقَبُ هُوَ الْمُوَافِي بِالْإِيمَانِ، فَاللَّهُ غَيْرُ سَاخِطٍ عَلَى هَذَا وَلَا مُبْغِضٍ لَهُ، بَلْ مُحِبٌّ لَهُ مُوَالٍ، لَا لِكُفْرِهِ لَكِنْ لِإِيمَانِهِ الْمُوَافِي بِهِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ الْقَوْلَ وَهِيَ: الْخَامِسَةُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ، وَالْكَافِرُ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ، بَلْ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِالْمُوَافَاةِ، وَلِأَجْلِ هَذَا قُلْنَا: إن الله راضي عَنْ عُمَرَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَعْبُدُ الأصنام، ومزيد لِثَوَابِهِ وَدُخُولِهِ الْجَنَّةَ، لَا لِعِبَادَتِهِ الصَّنَمَ، لَكِنْ لِإِيمَانِهِ الْمُوَافِي بِهِ. وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَاخِطٌ عَلَى إِبْلِيسَ فِي حَالِ عِبَادَتِهِ، لِكُفْرِهِ الْمُوَافِي بِهِ. وَخَالَفَتِ الْقَدَرِيَّةُ فِي هَذَا وَقَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ سَاخِطًا عَلَى إِبْلِيسَ وَقْتَ عِبَادَتِهِ، وَلَا رَاضِيًا عَنْ عُمَرَ وَقْتَ عِبَادَتِهِ لِلصَّنَمِ. وَهَذَا فَاسِدٌ، لِمَا ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِمَا يُوَافِي بِهِ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَبِمَا يُوَافِي بِهِ عُمَرُ ﵁ فِيمَا لَمْ يَزَلْ، فَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ سَاخِطًا عَلَى إِبْلِيسَ مُحِبًّا لِعُمَرَ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ ﷾ غَيْرُ مُحِبٍّ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، بَلْ هُوَ سَاخِطٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مُحِبٌّ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ) وَلِهَذَا قَالَ عُلَمَاءُ الصُّوفِيَّةِ: لَيْسَ الْإِيمَانُ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ الْعَبْدُ قَوْلًا وَفِعْلًا، لَكِنَّ الْإِيمَانَ جَرْيُ السَّعَادَةِ فِي سَوَابِقِ الْأَزَلِ، وَأَمَّا ظُهُورُهُ عَلَى الْهَيَاكِلِ فَرُبَّمَا يَكُونُ عَارِيًّا، وَرُبَّمَا يَكُونُ حَقِيقَةً. قُلْتُ: هَذَا كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا (. فَإِنْ قِيلَ وَهِيَ:

1 / 194