Jamic Li Ahkam Quran
الجامع لاحكام القرآن
Baare
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Daabacaha
دار الكتب المصرية
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة
لَمْ تُنْكِرْهُ الْعَرَبُ حِينَ سَمِعُوهُ، إِذْ كَانُوا لَا يُنْكِرُونَ رَحْمَةَ رَبِّهِمْ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ ﷿:" وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ" الْآيَةَ. وَلَمَّا كَتَبَ عَلِيٌّ ﵁ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" قَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: أَمَّا" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" فَمَا نَدْرِي مَا" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"! وَلَكِنَ اكْتُبْ مَا نَعْرِفُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنَّمَا جَهِلُوا الصِّفَةَ دُونَ الْمَوْصُوفِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: وَمَا الرَّحْمَنُ؟ وَلَمْ يَقُولُوا: وَمَنِ الرَّحْمَنُ؟ قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: وَكَأَنَّهُ ﵀ لَمْ يَقْرَأِ الْآيَةَ الْأُخْرَى:" وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ". وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ النَّاسِ إِلَى أَنَّ" الرَّحْمَنَ" مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّحْمَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَمَعْنَاهُ ذُو الرَّحْمَةِ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ فِيهَا، فَلِذَلِكَ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ كَمَا يُثَنَّى" الرَّحِيمُ" وَيُجْمَعُ. قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الِاشْتِقَاقِ مَا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ عبد الرحمن ابن عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:" قَالَ اللَّهُ ﷿ أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ". وَهَذَا نَصٌّ فِي الِاشْتِقَاقِ، فَلَا مَعْنَى لِلْمُخَالَفَةِ وَالشِّقَاقِ، وَإِنْكَارُ الْعَرَبِ لَهُ لِجَهْلِهِمْ بِاللَّهِ وَبِمَا وَجَبَ لَهُ. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ زَعَمَ الْمُبَرِّدُ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ" الزَّاهِرِ" لَهُ: أَنَّ" الرَّحْمَنَ" اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ فَجَاءَ مَعَهُ بِ" الرَّحِيمِ". وَأَنْشَدَ «١»:
لَنْ تُدْرِكُوا الْمُجِدَّ أَوْ تَشْرُوا عَبَاءَكُمُ ... بِالْخَزِّ أَوْ تَجْعَلُوا الْيَنْبُوتَ ضَمْرَانَا
أَوْ تَتْرُكُونَ «٢» إِلَى الْقَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ ... وَمَسْحَكُمْ صُلْبَهُمْ رَحْمَانَ قُرْبَانَا
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى:" الرَّحِيمُ" عربي و" الرحمن" عِبْرَانِيٌّ، فَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْغُوبٌ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: النَّعْتُ قَدْ يَقَعُ لِلْمَدْحِ، كَمَا تَقُولُ: قَالَ جَرِيرٌ الشَّاعِرُ. وَرَوَى مطرف عن قتادة في قوله ﷿:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" قَالَ: مدح نفسه. قال أبو إسحاق:
(١). قائله جرير، والينبوت: ضرب من الشجر. (٢). انظر شرح القاموس واللسان مادة" رحم".
1 / 104