97

Jamic Kabir

الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور

Baare

مصطفى جواد

Daabacaha

مطبعة المجمع العلمي

مَلا حاجبيك الشَعر حتى كأنه ... ظباء جرت منها سنيح وبارح فشبه شعرات بيضًا في حاجبيه بظباء سوانح وبوارح، وهو تشبيه بعيد جدًا. وأمثال ذلك كثيرة فأعرفها. واعلم أن الأصل في حسن التشبيه هو أن يمثل الأسْتر بالأظهر وغير المعتاد بالمعتاد المعروف، وذلك لأجل إيضاح المقصود، وبيان المعنى المراد. ويظهر أيضًا حسن التشبيه في تمثيل الشيء بما هو أعظم منه، وذلك لأجل المبالغة والغلو. واعلم أن من التشبيه ضربًا يسمى: (غلبة الفروع على الأصول) وهو ضرب من الكلام ظريف، لا تكاد تجد شيئًا منه إلا والغرض به المبالغة؛ فما جاء من ذلك قول ذي الرمة: ورمل كأوراك العذارى قطعته ... إذا ألبسته المظلمات الحنادسُ ألا ترى إلى ذي الرمة، كيف جعل الأصل فرعًا والفرع أصلًا؟ وذلك أن العادة والعرف أن تشبه أعجاز النساء بكثبان الأنقاء، وهو مطرد في بابه، كقول البحتري: أين الغزال المستعير من النقا ... كفلا ومن نَورْ الأقاحي مبسما؟ فقلب ذو الرمة العادة والعرف في هذا، فشبه كثبان الأنقاء بأعجاز النساء، وذلك كأنه يخرج مخرج المبالغة، أي قد ثبت هذا الموضع وهذا المعنى لأعجاز النساء، وصار كأنه الأصل فيه، حتى شبهت به كثبان الأنقاء. ومثل ذلك قول بعضهم:

1 / 97