Jamic Kabir
الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور
Baare
مصطفى جواد
Daabacaha
مطبعة المجمع العلمي
فيا أيها الحيران في ظلمة الدجى ... ومنَ خاف أن يلقاهَ بَغْيٌ من العِدا
تعالَ إليه تلقَ من نور وَجهْة ... ضياءً ومن كفيّه بحرًا من النّدى
وكان يجب لهذا الشاعر أن يجعل بازاء (بغي من العدا) ما يناسبه من النصرة أو الادالة فأما الإعانة أو ما جرى هذا المجرى، ليكون ذلك تفسيرًا كما جعل بازاء الظلمة الضياء وفسرها به، فأما أن وضع بازاء ما يتخوف منه (بحرًا من الندى) (فإنه) لا يكون تفسيرًا له وأمثال هذا كثيرة، فلتجتنب.
النوع الحادي والعشرون من الباب الأول من الفن
الثاني
في الخطاب بالجملة الفعلية والخطاب بالجملة
الاسمية المؤكدة بأن المشددة وتفضيل أحدهما على الآخر
وذلك كقولنا (قام زيد)، و(إن زيدًا قائم) فقولنا: قام زيد. معناه؛ الإخبار عن زيد بالقيام. وقولنا: إن زيدًا قائم، معناه؛ الإخبار عن زيد بالقيام أيضًا. إلا أن في الثاني زيادة ليست في الأول، وهو توكيده بأن المشددة التي من شأنها الإثبات لما يأتي بعدها من الكلام، فمن هذا النحو قوله تعالى: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا: إنا معكم إنما نحن مستهزؤن). فإنهم إنما خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية، وشياطينهم بالجملة الاسمية المحققة بإن المشددة،
فقالوا: في خطاب المؤمنين (آمنا) ولإخوانهم (إنا معكم) لأنهم في مخاطبة إخوانهم بما أخبروا به عن أنفسهم من الثبات على اعتقاد الكفر والبعد من أن يزلوا على صدق ورغبة ووفور نشاط، وكان ذلك متقبلًا منهم ورابحًا عند إخوانهم. وما قالوه للمؤمنين فإنما قالوه تكلفًا وإظهارًا للإيمان، خوفًا ومداجاة، وكانوا يعلمون أنهم لو قالوه بأوكد لفظ وأشده لما راج لهم عند المؤمنين إلا رواجًا ظاهرًا لا باطنًا، ولأنهم ليس لهم من عقائدهم باعث قوي على النطق في خطاب المؤمنين بمثل ما خاطبوا به إخوانهم،
1 / 224